الندوة الصحفية لتنسيقة البيئة والتنمية بصفاقس والرسائل السبع
في ظل هذه الأجواء السياسية جاء تحرك تنسيقة البيئة والتنمية بصفاقس للحديث عن التنمية ومعطلاتها في الجهة وهو و ما اعتبر أيضا خارج نطاق الجغرافيا لان الأزمة الاقتصادية تمس كامل البلاد وهي الجديرة بالاهتمام ومن الأولى أن يقع تأجيل الخوض في موضوع التنمية في صفاقس الى حين تجاوز هذا الأزمة وطنيا في الزمن وفي الجغرافيا .
إلا أن المتأمل في تحرك التنسيقة وهي التي تتابع الوضع العام في الجهة منذ سنة 2015 وخاضت معارك من اجل الجهة يكمن ان يفهم مجموعة من الرسائل أرادت إيصالها عبر هذا التحرك الذي لم يكن عشوائيا بل كان مدروسا في الزمان والمكان .
الرسالة الأولى
تعيش بلادنا على وقع خلاف مستفحل بين الفرقاء وهو في الأخير خلاف بين سياسيين او قل هو حرب معلنة ألان بين عدة إطراف سياسية تريد الاستفراد بالسلطة وفرض نمط حكم معين وهم لا يفكرون الا في مصالحهم الذاتية الضيقة و مستعدون لجرّ البلاد إلى صراع في الشارع قد نعرف موعد انطلاقه ولا نعرف موعد نهايته ولا كيفية تطويقه ولا حجم الخسائر التي قد يتسببها ومثل ليبيا أماننا . هذا في ظل وضع صحي حرج جدا و تأزم اقتصادي قد تعجز الدولة عن تقديم مرتبات الموظفين والمتقاعدين بعد شهر من ألان .فالمكابرة بين السياسين ستؤول حتما إلى إشعال النار وسيكون أبناء هذا الشعب المطحون حطبا لها وهذا أرادت تنسيقة البيئة ان تؤكد عبر هذه الندوة الصحفية ان مشاغل الشعب في الجهات ليست هي مشاغل السياسيين والأولويات لدى المواطنين ليست في كراسيهم بل في تحقيق التنمية والعيش الكريم والحرية والشغل والكرامة
الرسالة الثانية
لقد حجبت الأزمة السياسية التي تعيش على وقعها البلاد منذ سنوات عديدة إمكانية التفكير المستقبلي او الاستراتيجي وهذا أصبح الجميع يلهث وراء العمل اليومي دون رؤية او برنامج وأحسن مثال على ذلك حكومة المشيشي الحالية التي وقعت تزكيتها دون إن يكون لها برنامج وأقيلت مجموعة من أعضائها دون تقييم لمردوديتهم بفعل فقدان البرنامج .تنسيقة البيئة ارادت اذن ان ان تؤكد ان هناك قوى مدنية لها القدرة على التخطيط للمستقبل حتى في ظل الأزمة وهذه القوى قادرة على تقديم التصورات والمقترحات وكأنها تريد أن تبلّغ أن الأزمة عابرة وعلينا منذ ألان أن نخطط للمستقبل .
هذه الرؤية التي تعمل القوى المدنية على إعدادها قد يشاطرها البعض وقد يختلف معها البعض الأخر ولكنها تبقى الأرضية التي يمكن أن ننطلق منها لتطوير النقاش والوصول الى تصور مشترك يصبح قابلا للانجاز إن صدقت العزائم
الرسالة الثالثة
اللقاء الصحفي لتنسيقة البيئة بصفاقس جاء على اثر زيارة وفد حكومي تحول الى الجهة لدراسة أسباب تعطل المشاريع الكبرى وقد ارادت تنسيقة البيئة ان توضح ان المقاربة التي اعتمدتها الحكومة لإرسال الوفد هي مقاربة خاطئة وتنم عن فقدان تصور للتنمية في الجهة .فالتنمية لا تقتصر على المشاريع المعطّلة ولا على التعامل التقني مع المشاريع . فجل الإطارات العليا الممثلين للوزارات هم في الحقيقة الأطراف المسؤولة عن تعطل هذه المشاريع مباشرة او بصفة غير مباشرة باعتبار أن القرار مركزي . هذا من جهة ومن جهة اخرى فان تركيبة الوفد من مسؤولين إداريين يؤكد عدم أهليتهم لاتخاذ القرار الصائب وهكذا سيقتصر دورهم على نقل ما سمعوه وما شاهدوه وقد يكون نقلهم مشوها فهم غير قادرين على فهم الديناميكة التي تتحكم في الجهة والتي لم تأخذ بعين الاعتبار عند التخطيط وهي من اسباب تعطل المشاريع وأحسن مثال على ذلك مشاريع المخطط 16- 20 والتي لم ينجز منتها سوى 25 في المائة تقريبا خيث اسقط لمشاريع دون رأي الجهة
الرسالة الرابعة
لقد أرادت تنسيقة البيئة والتنمية ان تؤكد ان اللقاء الصحفي هو في حد ذاته رسالة الى السلطة المركزية وهذه الرسالة تختلف عن الرسائل الاخرى حيث أنها لا تحمل رائحة حرق الكاوتشو اي العجلات المطاطية .قد يعتبر البعض أن عدم وجود رائحة العجلات المطاطية المحروقة لا يعطي الزخم لمطالب الجهة ولا يثير اهتمام السلطة المركزية . لكن مواطني صفاقس مازالوا متشبثين بهذه القيم إلى حد الآن وفي المقابل بعث أعضاء التنسيقة رسالة مفادها انهم قادرون على استنباط طرق نضالية للتعامل مع تجاهل الحكومة خاصة وان التاريخ القديم للجهة حافل بالشواهد
الرسالة الخامسة
جهة صفاقس مثل بقية جهات الجمهورية الاخرى فهي ليست اقلها او أفضلها في الأحقية بالتنمية .ومن حقها ان تتمتع حسب حجمها ومقدراتها بعناية أفضل وذلك من خلال تخصيص جزء من مداخيل الموارد الطبيعية بها لتمويل مشاريع للتكوين المهني والتشغيل في المعتمديات الداخلية ذات مؤشرات التنمية المنخفضة والتي لا يختلف الوضع فيها عن معتمديات سيدي بوزيد والقصرين وسليانة وغيرها .هذه المقادير تخصص لتمويل بنك جهوي للتنمية المحلية عبر تخصيص جزء من مداخيل الغاز والبترول المقدرة سنويا بألف مليار (45 بالمائة من الانتاج الوطني للغاز بولاية صفاقس و25 بالمائة من إنتاج البترول ) وتصحيحا لمعلومات وردت من وزارة الطاقة فان صفاقس لا تحتوى فقط على الملح كمورد طبيعي .
الرسالة السادسة
لقد بينت التجربة ان جدوى الحلول الترقيعية تكون دائما معدومة وقد أن الأوان ان يقع الاعتماد على دراسة استراتيجة لتحديد التوجهات التنموية من خلال استراتيجة 2050 لكن الحكومة لا تعتمد هذا التمشي ومثال ذلك سقوط طلب العروض لانجاز هذه الدراسة الخاصة بصفاقس في الماء بسبب خلل في الإجراءات . تنسيقة البيئة أرادت من خلال الندوةالصحفية ان تجدد الطلب انه في ظل غياب فكر استراتيجي ياخذ بعين الاعتبار الواقع والرؤية والوسائل والأهداف وعامل الزمن فان كل المقترحات مالها الفشل لنظر لعدم وجود روح وفكر ورائها يجمع كل القوى من اجل التنفيذ والتحقيق على ارض الوقع
الرسالة السابعة والاخيرة
يعتبر البعض ان مواطني صفاقس هم المسؤولون على تردي الأوضاع بالجهة وهم الوحيدون القادرمن على النهوض بجهتهم وعليهم ان لا يترقبوا السلطة المركزية وما عليهم الا ان يعذلوا على أنفسهم . هذا التفكير خطير جدا حسب تقديري فكأني بهؤلاء يعتبرون ان المواطنين بصفاقس ليسوا مواطنيين تونسيين . وقتها ايضا عليهم أن يقرّوا ان اعتمدوا هذا التمشي في التفكير بان مواطني الجهة هم من يتكفل بتحسين الميناء والعطاء الرخص لانجاز مشروع تبارورة وتحويل جزء منه للسياحة و تسيير المطار وخلق خطوط دولية وعدم قبول موطنين من غير صفاقس للدارسة اوالاستشفاء بها وغيرها من القرارات . وهذا خطير جدا
هؤلاء الذي يعتبرون ان صفاقس لديها الإمكانات لتحقيق التنمية يساندون من دون ان يشعروا إعلان انفصال الولاية عن جمهورية وهو تفكير مرفوض عليهم ان يتراجعوا عنه
صفاقس هي جزء من تونس وأبنائها تونسيون ولهم الحق في التنمية وفي المستقبل الأفضل والدولة مسئولة على ذلك بالدستور
حافظ الهنتاتي