رأي : التصويت على التحوير الوزاري هل يطبق مبدأ ما بني على باطل فهو باطل ؟
و اذ يشهد جانفي العاشر بعد الثورة احداثا مهمة قد تحدد مصير البلاد فان ذروتها سجلت خلال أشغال مجلس الأمن القومي الذي انعقد أمس و تحدث فيه رئيس الجمهورية وعملت مصالح الرئاسة على نشره للعموم والمفروض ان تكون مضامينه سرية .
وانطلقت أول الصواريخ
تخلى رئيس الجمهورية في خطابه هذه المرة على الرسائل المشفرة وتوجه الى رئيس الحكومة رأسا ووجه له رسائل مباشرة او قل صواريخه متسلحا في ذلك بخلفيته المهنية .كما وجه رسائل غير مباشرة لممثل اكبر قوة في الائتلاف الحاكم والتي تقود البلاد منذ الثورة والتي يمثلها رئيس مجلس النواب
وعلاوة على الخطاب في حد ذاته والمضامين التي تضمنها والتي سنتوقف عند البعض منها وهي نقطة التحوير الوزاري فان رئيس الجمهورية وجه أيضا رسالة واضحة لرئيس مجلس النواب من خلال دعوة رئيسة لجنة العلاقة بين المجلس ورئاسة الجمهورية بصفتها تلك وليس بصفتها السياسية كما أراد ان يروج له البعض كما حضرت الوزيرة المقالة التي كانت مكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وهي وزارة ألغيت في التحوير الأخير.
القانون اولا
لئن كان مضمون كلمة رئيس الجمهورية ذي بعد سياسي حيث تضمن العديد من النقاط السياسية الا أن موضوع الخلل الإجرائي للتحوير الوزاري كان الأهم حسب اعتقادي لأنه كان أكبر ضربة يتلقاها رئيس الحكومة فالاختلاف مع رئيس الجمهورية في المواقف السياسية جائز و محمود ولكن عدم احترم الإجراءات القانونية مرفوض تماما حتى وان حاول البعض اعتباره شكليا
وهذا ما يفسر إسراع رئيس الحكومة الى عقد مجلس وزاري مساء لإصلاح الوضع وتداركه وإقرار التغييرات التي أدخلت على تسمية بعض الوزارات مثلما ينص عليه القانون ومثلما أشار اليه رئيس الجمهورية الذي عرف كيف يستغل تخصصه المهني ليهاجم خصمه.
الحل مشكل في حد ذاته
شعر اذن رئيس الحكومة بخطئه فسارع بعقد مجلس وزاري خصص جزء منه للنظر في هيكلة الحكومة تطبيقا للفصل 92 من الدستور المتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة بخصوص إحداث وحذف الوزارات وصادق على التسميات الجديدة ورغم ذلك يبدو ان مجلس الوزراء نسي إقرار حذف وزارة العلاقة مع المجتمع المدني والتي لم ترد في التحوير الأخير . كل هذا قبل ان يعرض التحوير اليوم على مجلس النواب .ويبقى السؤال :هل ان تسوية الوضعية بمفعول رجعي مقبولة سياسيا وقانونيا.
الأكيد ان هذه تسوية لن تمر بسلام فقد اقر رئيس الحكومة بخطئه الإجرائي بعقد مجلس الوزراء وهذه نقطة سلبية جدا في مسيرة الرجل سيستغلها خصومه وسيجد بعض مناصريه أنفسهم في حرج للدفاع عنه ان كانوا صادقين.
المفعول الرجعي
اما قانونيا فان تسوية الوضعية بعد إرسال المراسلات الرسمية إلى مجلس النواب ورئاسة الجمهورية قبل أيام قد تطرح إشكالا كبيرا فالمراسلات لم تحترم الإجراءات حيث تحدثت عن وزارات لكم تقع المصادقة على بعثها وتحوير تسميتها وهكذا تعد باطلة قانونا وتخضع للمقولة القانونية المعروفة ما بني على باطل فهو باطل
كما ان قرار مجلس الوزراء بالمفعول الرجعي قد يكون مدخلا إضافيا لرئيس الجمهورية لرفض التحوير بعد أن أكد رفضه تأدية اليمين الدستورية لاربعة وزراء نظرا لان احدهم تعلقت به قضية عدلية وثلاثة آخرين شبهات تضارب مصالح في حين انه تم إسقاط حكومة بنفس التهمة .ففي ظل غياب المحكمة الدستورية يعود التأويل لرئيس الجمهورية باعتباره مؤتمنا على الدستور .
فهل يمضي اليوم مجلس النواب في التصويت على التحوير ام سيرجأ ذلك إلى ما بعد توجيه رسالة جديدة تخضع للضوابط القانونية . الأكيد ان الليلة البارحة كانت من أطول الليالي على رئيس الحكومة ووسادته بحثا عن مخرجا اوحل قد يكون أحلاهما مر
لقد فات رئيس الحكومة أن للصراع السياسي عدة أوجه منها السياسي ومنها ألاأخلاقي ومنها القانوني كما فاته أن التأكد من دعم وسادته السياسية ليس هو العنصر الوحيد للذهاب قدما في مشروعه. فلا استقبال وفد ائتلاف الكرامة ولا حمل تابوت في جنازة كافيان للفوز بثقة البرلمان .
ورغم ان الوسادة السياسية بكل مكوناتها مساندة لرئيس الحكومة الا انه فاته أيضا أن خلافات داخلية تشق تلك الوسادة وتصريح عبد اللطيف المكي بخصوص اختيار الوزراء أحسن دليل على ذلك علما وان الخلاف مع رئيس الجمهورية قد يدفع بعض المساندين لمراجعة حساباتهم.
أشكال الصراع
بكلمته أمس أعاد رئيس الجمهورية قيس سعيد رص صفوف مناصريه وبعث فيهم الأمل وقد تشهد الأيام القادمة تحركات ميدانية للدفع بالصراع مع منظومة الحكم الى التصادم خاصة وأن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل دخل على الخط وأعلن في تصريح لوكالة رويتر للانباء انه له معلومات خطيرة سينشرها في الوقت المناسب
فهل هل آن أوان الوقت المناسب أم انه تأخر شيئا ما. وهل ستكون تكاليف تأخره باهظة على البلاد التي تشكو ازمة صحية غير مسبوقة في تاريخها إضافة إلى أزمة اقتصادية كارثية
وماهي الأدوات التي يمتلكها كل طرف في مواجهة خصمه
تونس يحميها أبناؤها
فمن هم وأين هم؟
حافظ الهنتاتي