دور النشر بصفاقس بين ارتفاع التكلفة ومحدودية الموارد
النشر من مهنة إلى محنة
قال مدير دار محمد علي للنشر بصفاقس النوري عبيد إن مجال النشر في صفاقس صناعة تقوم أساساً على تمويل إصدار الكتاب في كامل مراحله لكنه يعيش أزمة حقيقية منذ سنوات خاصة أن الميزانية التي تخصصها وزارة الثقافة لدور النشر محدودة داعيا إلى توفير الدعم الحكومي لهذا المجال و تمكين دور النشر من فرصة إنتاج الكتاب المدرسي والجامعي من أجل إعادة الروح لدار النشر بسبب ارتفاع كلفة المستلزمات المادية لإنتاج الكتاب.
كما أكد النوري عبيد أن غياب التكوين الأكاديمي والتأطير للناشرين يساهم في تراجع أهمية هذا الاختصاص بشكل كبير إلى جانب غياب دور الحكم المحلي بصفاقس في دعم الثقافة بالجهة والإحاطة بهذا المجال وتحسينه والدفاع عن مصالح الناشر المادية والمعنوية.
دار النشر خارج الترتيب الاقتصادي
أكد النوري عبيد أن عدم انتشار ثقافة القراءة بالشكل المطلوب في المجتمع التونسي أدى إلى عدم مساهمة المواطن بشكل مباشر في اقتصاد النشر وهو ما يجعل دور النشر خارج قوائم الربح وخارج الترتيب الاقتصادي.
وأشار العبيدي إلى أن دور النشر في تونس تنشر سنويا ما بين 16 و17 مليون نسخة كتاب حيث تحضى وزارة التربية بنسبة 90 بالمائة من انتاج هذه الكتب بحوالي 15 مليون كتاب مدرسي والمتبقى أي 1500 عنوان من روايات وقصص وكتب شعرية والكتب الموازية يعود لدور النشر معتبرا أن الروايات والكتاب الثقافي لا يساهمون بشكل فعال في خلق ربح مادي لدور النشر خاصة وأن الناشر عليه أن يأخذ على عاتقه عبأ التواصل مع عشرات المكتبات على قلتها وإرسال الكتب إلى أماكن مختلفة.
هل ينافس الكتاب الإلكتروني الكتاب الورقي؟
وحول النشر الإلكتروني أشار النوري إلى أن لكل نوع طبيعته الخاصة وهما لا ينافسان بعضهما البعض رغم التداخل بينهما في ما يتعلق بالمحتوى داعيا إلى اقتراح مقترحات فعالة تساعد على تخطى هذه الصعوبات وخلق المواكبة والتجديد من حيث الشكل والمضمون والوسائل حتى لا يصبح مستقبل صناعه النشر مهددا بالانهيار .
توقف الإصدارات بسبب أزمة كورونا
اعتبر النوري عبيد أن فيروس كورونا ساهم في إيقاف عدة إصدارات ما دفع دور النشر إلى وضع خيارات بديلة لتدارك الوضع حيث أنشأت منصات لبيع كتبها على المواقع الإلكترونية و تعويض جزء من خسائرها من خلال البيع عبر وسائط التواصل الاجتماعي وكذلك من خلال خدمة توصيل الكتب الورقية إلى المنازل.
ويشار إلى أن دار محمد علي للنشر بصفاقس تعد من أقدم دور النشر بالجهة تأسست سنة 1983 وأصدرت حينها أول كتاب تمت مصادرته تحت عنوان النشاط الصهيوني للهادي التيمومي.
وأصدرت دار النشر محمد علي الحامي منذ تأسيسها حوالي 700 عنوان وتعامل معها ما لا يقل عن 450 مؤلف وتحصلت على جائزة أفضل ناشر سنة 2015.
ومن أشهر إصدارات دار محمد علي للنشر " في أصول الأرتودكسية السنية" والإبداع الثقافي في بيئة مستعمرة وآخرها كتاب ''حركية المجتمع التونسي في العشرية الأولى للثورة" تضمن مداخلات لـ15 مفكرا واستاذا وغيرها من الإصدارات المتنوعة.
رغم كثرة دور النشر في تونس وتفنن الناشرين في إخراج الكتب لتسهيل المعلومة في أيدي الناس إلا أنها تبقى في حالة مد وجزر مرتبطة بمدى ضرورة تكاتف الجهود للفت انتباه المسؤولين في الدولة في الدفاع عن مصالح الناشر المادية والمعنوية .
بهيرة عوجي