هل تخّلى الغنّوشي عن مطمح رئاسة النهضة لدورة جديدة؟
تصريحات الغنوشي الأخيرة لموقع الجزيرة.نت وان بدت في ظاهرها مطمئنة بعض الشيء للشقّ المطالب داخل الحزب بعدم التجديد للزعيم التاريخي للنهضة الاّ أنّها لم تجزم بعدم السعي الى تنقيح النظام الأساسي من أجل تعبيد الطريق أمام ولاية جديدة للغنوشي.
ومن المحتمل أن تكون تصريحات الغنوشي ضمن المناورة السياسية وربح الوقت قبل تنظيم المؤتمر القادم للحزب وتهيئة الأرضية الملائمة لهذا التنقيح الذي تحدّثت عنه سابقا قيادات نهضوية في الصفّ الأوّل تسعى هي الأخرى الى الوصول نحو أهمّ منصب في الحزب وهو مؤسسة الرئاسة.
الغنوشي والمائة قيادي: صراع علني من أجل الرئاسة
تعيش حركة النهضة في السنوات الأخيرة على وقع صراعات داخلية ولكنها لم تظهر الى العلن وبقيت حبيسة المداولات الحزبية الداخلية و قد مثّل ملّف التمديد للغنوشي نقطة خلافية كبيرة عرفتها الحركة و برزت في وسائل الاعلام و أصبحت حديث متابعي الشأن السياسي في تونس بعد رسالة المائة قيادي للغنوشي و هو ما أقلق مجلس الشورى الذي أدان لاحقا ما اعتبره 'التصريحات الإعلامية التي تنال من مكانة الحركة وقيمها وشؤونها الداخلية داعيا قيادات الحركة وأعضائها الى الالتزام بالميثاق الأخلاقي و الجميع الى رحابة الصدر وانتهاج أسلوب الحوار والالتزام بما تقرره المؤسسات.
وقد أتى هذا البيان بعد انسحاب عدد من الأعضاء من اجتماع مجلس الشورى الأخير بسبب عدم رضاهم عن جدول الأعمال و طلبهم تعديله.
ويعد وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي من أبرز وجوه شقّ المائة داخل النهضة وقد اعتبر في تصريح اعلامي سابق أن الحركة تحتاج الى 'لوجيسيال' قيادة جديد مشددا على ضرورة التجديد القيادي على رأس حركة النهضة.
وأضاف قائلا ' سيتأكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ان عريضة المائة التي تطالبه بعدم السعي مجددا للترشح الى رئاسة الحركة عبر تنقيح النظام الأساسي للنهضة هي أصدق نصيحة قدمت اليه' .
وقال المكي ان عبد الكريم الهاروني طوع مجلس الشورى لما يريده الغنوشي و تصور أنه بذلك يلعب دورا إيجابيا مضيفا أن الغنوشي ما زال متمسكا بالترشح لرئاسة الحركة لدورة جديدة.
التخلّي عن رئاسة الحركة مقابل الترشيح لرئاسة الجمهورية ؟
وقد يتخلّى الغنّوشي عن فكرة تنقيح النظام الأساسي للنهضة من أجل فسح المجال له لرئاستها مجددا مقابل ضمان ترشيحه من قبل مؤسسات الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة حيث يعتبر البعض أنه يستعمل مسألة تنقيح الفصل 31 كورقة ضغط و مساومة لتزكيته كمرشّح للنهضة في السباق الرئاسي المقبل وهو ما يعدّ خروجا من الباب الكبير نحو منصب مهمّ يختم به حياته السياسية و يتخلى عندئذ عن صفته الحزبية ، أما اذا تشبث بالبقاء على رأس الحركة فانه سيخرج من الباب الصغير حسب رأي عدة قيادات من شق المائة.
وفي كلتا الحالتين من المؤكد أن الغنوشي الذي يرأس حاليا حركة النهضة و مجلس نواب الشعب لن يرضى بأقل من رئاسة الحركة لدورة جديدة أو الترشح لرئاسة الجمهورية فهو بين مسابقة نفسه داخل الحزب أو الصعود عن طريق ترشيح الحزب لخوض غمار الاستحقاق الرئاسي المقبل ولكنه سيحتاج فعلا الى أكثر من أصوات القاعدة النهضوية الانتخابية التي تتقهقر في السنوات الأخيرة للوصول الى قصر قرطاج ، فهل يمكن أن يحقّق ذلك ؟
من المؤكد أن المؤتمر 11 لحركة النهضة الذي يعرف مسلسل تأجيل متواصل سيكون أحد أهم المؤتمرات في تاريخ الحزب الذي عرف تحولات كبرى خلال العشرية الأخيرة التي مارس خلالها السلطة و خبر مفاصل الحكم بعد تجارب المنفى و السجون والسرية.