الكورونا "فقط" استطاعت هز عرش إمبراطورية الفيفا (مقال رأي)
حيث أصيحت ولاءات الناس لكرة القدم التي تخلو الشوارع من أجل إحدى مبارياتها في حين يعجز حدث وطني عن ذلك.
ويعترف جل سكان المعمورة بالجميل للاتحاد الدولي لكرة القدم "FIFA"، إذ أصبح كل شخص في أي مكان من العالم يعرف ما لا يقل عن عشرة أسماء للاعبين رياضيين، في حين لا يعرف ماهي الأمم المتحدة، أو مجلس الأمن، أو حتى أسماء دول، ومنهم من وصل به الأمر انه لا يعرف وزراء أو رئيس بلد قريب منه.
اهتمام غريب بكرة القدم من كل الفئات، فبفضل هذه اللعبة أضحى رفاه الناس وسعادتهم لا يقتصر على فئة معينة ميسورة كانت أو فقيرة.
الكل يحلم بلقاء "ميسي" أو "كريستيانو" وقد يخيرهما جل متابعي المستديرة على زيارة مكان مقدس أو لقاءً بأحد الأقارب طال غيابه.
هذه العظمة تجعل من الفيفا بمثابة الإمبراطورية، حيث لها أرصدة مالية ضخمة تعادل ميزانيات دول نامية وبطولات يشاهدها مليارات البشر وقنوات مشفرة تضع على ذمة متابعي الكرة مباريات للمشاهدة بمقابل مادي مرتفع دون التغافل عن الدوريات الكبرى والاتحادات القارية التي تتحكم في مسابقات ذات نسب مشاهدة مرتفعة ودون التغافل عن القوة التي يستمدها اتحادات الكرة في كل الدول، فلا يمكن لأي حكومة أو رئيس دولة مهما كبر شأنه التدخل في شأن اتحاد الكرة في بلده ومن يخالف ذلك سيضع شعبه دون مباريات ودون منتخب ينافس قارياً ودولياً.
كلها عوامل حصنت هذه الإمراطورية لسنوات عدة قبل أن تأتي "الكورونا".
ففي ديسمبر من سنة 2019 في مدينة ووهان الصينية تم اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا وأطلق عليه اسم 2019-nCoV أو covid-19, حيث تسبب هذا الفيروس سريع الانتشار في تعليق وإلغاء العديد من البطولات العالمية في مختلف الرياضات.
فمن كان يعتقد أن مباريات تصفيات المونديال يتم تأجيلها؟ أو بطولات كبرى يتم تعليق نشاطها إلى أجل غير مسمى؟، أو ألعاب اولمبية "أولبياد" يتم إرجاء موعد انطلاقها إلى سنة 2021 بعد أن كان يفصلنا بضعة أيام عن موعدها الأصلي؟
فيروس كورونا تسبب في إغلاق جل مطارات العالم وأجبر أكثر من مليار شخص عبر المعمورة على ملازمة بيوتهم وبذلك ضرب إمبراطورية الفيفا التي لم يقدر أحد على هز عرشها.
فبأي حال ستعود كرة القدم؟، وماهو مصير البطولات الكبرى؟، ومن سيعوض خسائر الأندية والشركات الراعية والقنوات الناقلة والتي استثمرت مليارات الدولارات من أجل تمرير أهم المقابلات الرياضية؟ ما هو مصير اللاعبين والعقود المبرمة؟ هل ستقتصر عودة البطولات على دول دون سواها ومدى تأثير ذلك على البطولات القارية والإقليمية للأندية والمنتخبات؟ هل خفتت شعبية كرة القدم بسبب انشغال الناس في كيفية التوقي من الكورونا؟، وهل ساهم الفيروس في تبيان أن كرة القدم هي مجرد لعبة تنتفي الغاية منها أمام الغاية في الحياة والبقاء ؟ أي حل لمشكلة تداخل الموسمين خصوصاً في حال العودة المتأخرة للموسم الحالي، وتداخله مع انطلاق الموسم المقبل؟
كلها اسئلة كنا نمني النفس في إيجاد اجوبة لها، فالفيفا اهتز عرشها بعد أن رسم covid-19 خريطة جديدة حلت مكان خريطة الامبراطورية.
أما ال "FIFA" وبكل اتحاداته الأعضاء جعلته الكورونا في أزمة غير مسبوقة، لا نعرف متى نهايتها وبأي نتيجة ستنتهي.