السويد تفاجئ العالم بوصف السفر علاجا معتمدا من الأطباء

فهل يمكن أن يصبح السفر علاجًا معتمدًا من الأطباء؟
تقوم المبادرة التي أطلقتها هيئة السياحة السويدية على فكرة بسيطة، يمكن للطبيب أن “يصف” رحلة إلى السويد بدلًا من دواء، بهدف دعم الصحة العامة عبر الانغماس في الطبيعة والممارسات الثقافية المتوازنة.
ويتيح الموقع الرسمي للحملة للزوار من مختلف أنحاء العالم تحميل استمارة وصفة طبية تحمل شعار الحملة، ليقدّموها لطبيبهم كاقتراح لرحلة علاجية تعتمد على الراحة النفسية والتجارب الطبيعية.
ترحيب طبي
تقول الطبيبة الأمريكية ستايسي بلر سترير، المتخصصة في وصف الأنشطة البيئية لمرضاها، “الطبيعة والعلاقات الاجتماعية والثقافة تمتلك قوة علاجية حقيقية، والسويد تمتلك كل هذه العناصر بوفرة”، مؤكدة أنها “منفتحة على فكرة مناقشة فائدة زيارة السويد مع مرضاها كوسيلة لتحسين صحتهم النفسية”.
وتأتي هذه المبادرة في ظل تزايد الاهتمام الطبي العالمي بما يُعرف بـ”الوصفات الخضراء”، وهي توصيات للمرضى بقضاء وقت في الطبيعة أو المشاركة في أنشطة اجتماعية وثقافية، ليكون ذلك علاجا مساعدا للقلق والاكتئاب والإجهاد المزمن.
بين العلم والسياحة
استندت الحملة إلى استطلاع رأي عالمي أجرته مؤسسة أبحاث دولية، أظهر أن 64 بالمائة من المشاركين سيوافقون على توصية طبيبهم بقضاء وقت أطول في الهواء الطلق، رغم أن أغلبهم لم يسمع سابقا بمفهوم “الوصفة البيئية”.
ويؤكد القائمون على المشروع أن الحملة ليست بديلًا عن العلاج الطبي التقليدي، بل هي مكملة له، وتسعى إلى إبراز فوائد أسلوب الحياة السويدي القائم على التوازن بين العمل والراحة، والانسجام مع الطبيعة.
من الغابة إلى البحيرة.. قائمة “العلاجات السويدية”
تتضمن “الوصفة السويدية” مجموعة من الأنشطة التي توصف بأنها تعزز المناعة وتقلل التوتر، منها:
المشي في الغابات لاستعادة الهدوء الذهني وتنشيط الجهاز العصبي.
الغطس في المياه الباردة لتحسين الدورة الدموية وزيادة الطاقة.
الاسترخاء في الساونا لتخفيف التوتر العضلي وتحسين جودة النوم.
جلسات “فيكا”، وهي عادة اجتماعية سويدية تقوم على شرب القهوة وتبادل الحديث بعيدا عن الضغوطات اليومية.
مراقبة النجوم في شمال البلاد لتنظيم النوم وتحفيز الشعور بالاتصال بالطبيعة.
وتُعد السويد من أكثر الدول خضرة في العالم، إذ تغطي الغابات نحو 69 بالمائة من أراضيها، وتضم أكثر من 100 ألف بحيرة وقرابة 5000 محمية طبيعية، إضافةً إلى قانون “الحق في التجوال” الذي يمنح الجميع حرية دخول معظم المناطق الطبيعية دون قيود.
كما تُعرف البلاد بنقاء هوائها، وهدوء مدنها، وتقاليدها الاجتماعية التي تشجع على الاعتدال والراحة النفسية، مما يجعلها بيئة مثالية لتطبيق مفهوم “السفر العلاجي”.
تجاوز مفهوم السياحة التقليدية
تهدف “الوصفة السويدية” إلى تجاوز مفهوم السياحة التقليدية، لتجعل من السفر علاجا، حيث يُقدَّم الوقت في الطبيعة بديلا عن الضغوط الحضرية والروتين المرهق، ووسيلة لإعادة التوازن بين الجسد والعقل.
لكن في المقابل، يلفت خبراء الصحة إلى أن هذه الفكرة تبقى رمزية في جوهرها، فهي ليست “علاجا رسميا” تدعمه أنظمة التأمين الصحي، بل مبادرة توعوية تدعو الناس إلى النظر إلى السفر باعتباره وسيلة للوقاية لا مجرد ترفيه.
بهذه الخطوة، تحاول السويد أن تضع نفسها في مقدمة السياحة العلاجية النفسية، حيث تُستبدل بالوصفات الطبية التقليدية جرعة من الغابات والبحيرات والهواء النقي.
وبينما تحذو دول أخرى مثل تايلاند وسنغافورة حذوها في تسويق “السياحة الصحية”، تبدو التجربة السويدية الأكثر انسجاما مع هوية البلد وثقافته التي تعلي من شأن البساطة والتوازن.
(الجزيرة مباشر)