البرازيل والكورونا: 4000 حالة وفاة يوميا و 3 وفيات كل دقيقة و 92 سلالة مختلفة
بعد انقضاء سنة كاملة من التعايش مع وباء كوفيد-19 حطمت البرازيل ذات 212 مليون نسمة الرقم القياسي من حيث عدد الوفيات جراء هذا الوباء ليصل العدد إلى 4000 حالة وفاة يوميا و بصورة أوضح 3 حالات كل دقيقة, هذا لم يسبب هلعا للشعب البرازيلي فقط بل أنه سبب تخوفا من قبل العديد من الدول من بينها فرنسا والتي تصاعدت وتيرة القلق فيها من مدى سرعة انتشار السلالة البريطانية حيث اتخذت إجراءات أهمها الحد من الرحلات الجوية بين البلدين و فرض حجر صحي إجباري على الوافدين عليها من البرازيل.
في المقابل هذا الإحتياط لم يقع اتخاذه من قبل الرئيس اليميني "جاير بولسونارو", الذي و على ما يبدو أنه اعتمد إلى حد كبير سياسة نظيره الأمريكي المنقضية ولايته "دونالد ترامب" في التعامل الغير جدي مع وباء كوفيد- 19 حيث لم يقم باتخاذ الإجراءات المعمول بها في سائر دول العالم مثل الحجر الصحي الشامل و حظر التجول, فبولسونارو يقول أن الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد سيكون أسوأ من آثار الفيروس نفسه حيث حاول رفع بعض القيود التي فرضتها السلطات المحلية عبر المحاكم, و أشار، دون دليل، إلى ارتباط الوفيات بالسمنة والاكتئاب لا بفيروس كورونا.
و بهذا فقد تراجعت شعبية بولسونارو، الذي قلل من شأن الفيروس، وأثار الشكوك بشأن اللقاحات، ودافع عن الأدوية غير المثبتة علميا علاجا، بعد الانتقادات الشديدة التي تعرضت لطريقة تعامله مع الأزمة.
هذا لا يمنع أن البرازيل بدأت في حملة التلقيح ضد الفيروس الذي وجد البيئة المناسبة و الخصبة ليتحول إلى 92 سلالة حسب المعهد الوطني للصحة ب"سان باولو", فلا يمكن تجاوز أن البرازيل هي أكثر الدول تضررا من السلالة البريطانية P1. حيث بلغت طاقة الإستيعاب في أقسام العناية المركزة في المستشفيات 90% في 17 مقاطعة من أصل 26 مقاطعة, كما يوضع 500 مريض يوميا على لائحات الإنتظار في مستشفيات مقاطعة "ريو" و 800 مريض في مقاطعة "سان باولو".
هذا ما خلف تحذيرات عالمية من إنهيار المنظومة الصحية في البرازيل, ففي صورة تواصل الوضع على ما هو عليه هناك توقعات بأن عدد الوفيات سيبلغ 600 ألف حالة وفاة مطلع شهر جويلية.
و ما فتئ النظام الفيدرالي البرازيلي يتسبب في عرقلة فرض إستراتيجية متجانسة و شاملة للحد من هذا النزيف الوبائي بينما نجد أن لكل مقاطعة صلاحيات تتيح لها فرض إجراءات أهمها حظر التجول و الحظر الصحي الشامل و حتى إغلاق كامل المدن و تعطيل نشاطات دون غيرها.
الموقف الحكومي الرسمي لم يكن هو الآخر حازما و عقلانيا و تجلى ذلك في التصريحات الرسمية للرئيس اليميني, ففي أوائل شهر مارس و عندما تجاوزت البلاد 260 ألف حالة وفاة بسبب الوباء وبخ "بولسونارو" شعبه خلال افتتاح قسم للسكك الحديدية في ولاية "غوايس" قائلا: " توقفوا عن النحيب..يكفي من هذه الترهات..إلى متى سيستمر هذا البكاء؟"
يقول المنتقدون أن حكومة "جاير بولسونارو" كانت بطيئة في التفاوض بشأن الإمدادات. وحتى الآن لم يتلق جرعة واحدة على الأقل من اللقاح إلا حوالي 8 في المئة فقط من السكان، بحسب برنامج يتتبع البيانات العالمية.
مؤشرات وبائية مفزعة ، منظومة صحية تقترب من حافة الانهيار ، تخوف إقليمي و عالمي من الوضع الوبائي في دولة هي الأكبر في جنوب القارة الأمريكية ، و سياسة ضبابية تدار بإستهتار تارة و قرارات متأخرة تارة أخرى .
من هنا نتساءل : البرازيل ... إلى أين ؟