غزة: عدّاد الشهداء الصحفيين لا يتوقف..

الضربة الأولى استهدفت محيط المستشفى، والثانية جاءت بعد دقائق لتصيب فرق الإنقاذ والطاقم الإعلامي الذي وصل لتوثيق ما حدث
الصحفيون الشهداء، كانوا من جنسيات ومؤسسات مختلفة، من بينهم الصحفية الفلسطينية مريم أبو دقة وتعمل مع "اندبندنت عربية"، والمصور حسام المصري من رويترز، والصحفي الميداني محمد سلامة من قناة الجزيرة، إضافة إلى معاذ أبو طه وأحمد أبو عزيز، وكلاهما يعملان بشكل مستقل لصالح وكالات دولية.
هذا الاستهداف المزدوج، الذي تكرر أكثر من مرة في الحرب، يُعدّ خرقًا واضحًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويطرح تساؤلات جادة حول نية التصويب المباشر على الصحفيين، حتى وهم يرتدون سترات الصحافة الواقية.
تحت نيران الاحتلال: الصحفيون في غزة يدفعون الثمن
ووفق تقرير حديث صادر عن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في أوت 2025، بلغ عدد الصحفيين الذين استشهدوا في غزة منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 ما لا يقل عن 247 صحفيًا.
أما الاتحاد الدولي للصحفيين فقد وثّق حتى منتصف أوت الجاري استشهاد 212 صحفيًا وإعلاميًا، بينما تشير التقديرات المستندة إلى تجميع مصادر مفتوحة وبيانات من منظمات مختصة، إلى أن الرقم ارتفع إلى 274 صحفيًا، من بينهم 269 فلسطينيًا.
أرقام مفزعة تجعل من غزة، حسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، "المكان الأخطر على وجه الأرض للصحفيين".
استهداف ممنهج للصحفيين في غزة
تُظهر بيانات لجنة حماية الصحفيين تنوّعًا خطيرًا في أنماط استهداف الصحفيين داخل غزة، ما يُعزّز الشكوك حول وجود طابع منهجي ومتعمد وراء هذه العمليات.
وتشمل وسائل الاستهداف، قصفًا جويًا مباشرًا استهدف منازل أو مركبات تابعة لصحفيين، وهجمات بطائرات مسيّرة طالت كاميرات أو نقاط تجمّع إعلامية أثناء التغطية، إلى جانب إطلاق نار مباشر من قناصة من مسافات قريبة، رغم وضوح الشارات الصحفية.
كما سُجلت حالات قصف متكرر لنفس الموقع عقب وصول الطواقم الإعلامية إليه، في ما يُعرف عسكريًا بـ"الضربة المزدوجة".
مطالب بتحقيقات دولية عاجلة
ودعت منظمات دولية، من بينها هيومن رايتس ووتش، إلى فتح تحقيقات مستقلة وشفافة في حوادث استشهاد الصحفيين في غزة، متهمةً جيش الاحتلال بتكرار هذه الانتهاكات دون محاسبة أو مساءلة تُذكر.
كما صرّحت رئيسة مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مؤتمر صحفي أن "استهداف الصحفيين بهذا الشكل الممنهج يشكّل جريمة حرب، ويجب ألا يفلت الجناة من العقاب."
من جهته، اعتبر الاتحاد الدولي للصحفيين أن ما يحدث في غزة هو "استهداف غير مسبوق لمهنة الصحافة"، داعيًا إلى تحرك قانوني أمام المحكمة الجنائية الدولية.
مئات الأسماء التي كانت توقّع على صور وتقارير ميدانية، باتت اليوم محفورة على شواهد مقابر جماعية.
ومع تزايد أعداد الصحفيين الذين استشهدوا أو أُصيبوا في غزة، يصبح السؤال حول فاعلية منظومة الحماية الدولية للصحفيين أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، فالمعايير القانونية التي لطالما شكّلت مظلة نظريّة لحماية الصحفيين في مناطق النزاع، تبدو عاجزة أمام واقع ميداني تهيمن عليه القوة المفرطة وانهيار قواعد الاشتباك.