شاطئ الكازينو : من الخمسينات حتى عودة الحياة إليه (فيديو وصور)

ومن بين تلك الشواطئ ما يعرف بشاطئ الكازينو الذي بدأ، بعد مرور السنوات باسترجاع بريقه وأسهم في مصالحة متساكني صفاقس مع البحر.
الكازينو في الخمسينات.. كيف كان؟
كان شاطئ الكازينو صغيرا يقع إلى جانب شاطئي البلدية وحشاد، التي تكاد تمثل المتنفس الوحيد لسكان المدينة العتيقة وباب البحر والأحياء المجاورة بصفة خاصة ولكل سكان صفاقس الكبرى بصفة عامة باعتبار قرب المسافة التي تفصلها عن البحر.
هو شاطئ اصطناعي تمت تهيئته بإتقان في أواخر الأربعنيات من طرف مدير شركة الموانئ Wiriot تتوسطه مصطبة ممتدة داخل البحر يتنقل عليها المصطافون تحت أشعة الشمس الحارقة، وكان الشاطئ يعج بالمصطافين والمستحمين من مختلف الجنسيات كما كان قبلة لمشاهير الرياضة والثقافة في ذلك الوقت
هذا فضلا عن وجود عديد المرافق والنشاطات والتجهيزات العمومية بالمنطقة من مقهى المالوف والأدواش البلدية والخدمات الصحية وسقالة القفز بمياه البحر مما مكّن من ربط علاقة وطيدة بين أهالي المدينة وشواطئ مدينتهم العريقة وتشجعهم على ارتيادها.
وكان الاستمتاع بشاطئ الكازينو بمقابل حيث كان الدخول إلى هذا الشاطئ مقابل رسوم يتم دفعها قبل السباحة فيه، والذي تواصل إلى ما بعد الاستقلال.
وفي نهاية الخمسينات تم إحداث مدرسة السباحة والتي كانت مفتوحة للعموم لتعلم قواعد السباحة.
كيف انتهى شاطئ الكازينو؟
1960
هذا الشاطئ وغيره من الشواطئ الأخرى لم تعد موجودة، لقد اختفت واحداً تلو الآخر منذ بداية الستينات ، بعد إنشاء محطة معالجة الفوسفاط "ن ب ك"عند أطرافهم.
حيث تم تدميرهذه الشواطئ بسبب التلوث التي عانته من إلقاء نفايات المصنع وتخزين فواضل الفوسفوجيبس تخزن على شاطئ البحر.
1970
ومع بداية السبعينات تم تركيز خزان من الغاز والمحروقات لتمويل الجنوب بهذه المادة.
1977
اتخذ قرار بغلق الشاطئ سنة 1977 باعتبار تلوث المياه وصدور قرار بمنع السباحة في الكازينو مقابل تواصل نشاط المصنع
1980 - 1986
طالبت جمعية حماية البيئة، التي تأسست في الثمانينات، بغلق مصنع " ن ب ك" باعتبار ما تسبب فيه من تلوث وإعادة تهيئة المنطقة.
وسنة 1986 أصدر الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قرار بغلق المصنع ولكن القرار لم ينفذ إلا في بداية التسعينات بضغط من المجتمع المدني وتبني عديد المنظمات الدولية لهذه القضية.
1990
في بداية التسعينات تم غلق مصنع "ن ب ك" بقرار من الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وإزالته نهائيا من على الشاطئ.
الكازينو.. عودة الحياة
سنة 2015.. أرادت وزارة النقل أن تخصص منطقة الكازينو مكانا لتجميع الحاويات لتطوير النقل عبر الحاويات مما دفع بالمجتمع المدني إلى التحرك في جوان 2015 للمطالبة باسترجاع الشواطئ القديمة التي اجتاحها التلوث طيلة عقود.
2017
انطلقت تنسيقية البيئة والإدارة الجهوية للتجهيز وبلدية صفاقس ماي 2017 في تهيئة شاطئ الكازينو بصفاقس وتنظيفه ورفع ما يقارب 20 ألف طن من فضلات البناء والأوساخ المتراكمة منذ 1975 إلى 2015.
وتدخلت البلدية لتنظيف الشاطئ ورفع الفضلات وتقليع الأعشاب الموجودة بالمكان وتهيئة أرضية نظيفة لفائدة رواد شاطئ الكازينو، ليصبح الشاطئ في غضون أيام قليلة جاهزا لاستقبال المصطافين.
2020-2018
وفي إطار رؤية مستقبلية لمصالحة متساكني مدينة صفاقس مع البحر وإعادة إحياء هذه الشواطئ حتى تصبح من جديد متنفسا للمدينة، وبالتوازي مع إزالة كل مظاهر التلوث الذي أضر بالبيئة بصفة عامة والبحر بصفة خاصة، تم إجراء تحاليل على مياه شاطئ الكازينو أثبتت سلامته من الجراثيم مقابل وجود تلوث ناتج عن كميات من الكبريت بسبب مجاورته لأنشطة تفريغ مواد ملوثة بالميناء مما جعله غير صالح للسباحة
في المقابل تم خصصت وزارة البيئة سنة 2018 مبلغا ماليا قدره 100 ألف دينار لتهيئة الفسحة الشاطئية.
ولكن لم يتم صرف المبلغ إلا سنة 2020 ، وتم تهيئة الفسحة الشاطئية بالإضافة إلى صيانة الطريق الموصلة إلى الشاطئ وإعادة تعبيده وتنويره.
وتتجه الخطوة القادمة نحو تغيير صبغة شاطئ الكازينو من الملك العمومي المينائي إلى ملك الدولة الخاص حتى تتمكن البلدية من تهيئته وإحداث مرافق به.
2021
اليوم.. بفضل مبادرات المواطنين والانبعاثات من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، أصبح شاطئ الكازينو، الملوث والمهمل لسنوات، مرة أخرى منتجعًا شهيرًا لقضاء العطلات لسكان المدينة المحرومين من الوصول إلى البحر لفترة طويلة.
وأصبح الكازينو بعد أشغال التهيئة التي أنجزتها تنسيقية البيئة والتنمية وبلدية صفاقس ملاذا لمتساكني الجهة رغم النقائص...