لماذا صفاقس مدينة الفوضى المروريةّ؟
المواطنون في صفاقس أرجعوا الفوضى المرورية إلى مرور الحافلات والشاحنات الثقيلة من الشوارع الرئيسية وإلى عدم الصرامة في تطبيق القانون وإلى عدم احترام قانون الطرقات
فما الذي يفسّر هذه الفوضى المرورية التي تعيشها المدينة ؟
علاقة الصفاقسي التاريخية بالبلاد العربي
تتمّيز مدينة صفاقس بتخطيطها العمراني الشعاعي النصف الدائري حيث توجد المدينة العتيقة في المركز ومنها يتفرّع 15 طريقا يسمّى في صفاقس بالثنيّة وهي بالترتيب من الشمال إلى الجنوب: ثنيّة سيدي منصور، حبّانة، السّلطنيّة، المهديّة، تونس، تنيور، القائد محمّد، قرمدة، الأفران، العين، منزل شاكر، المطار، سكّرة، المحارزة وثنيّة قابس
فمنذ القديم كان الصفاقسية يخرجون من البلاد العربي صيفا باتجاه الأبراج داخل الأجنّة والغابات المتمركزة على طول الطرقات المذكورة أعلاه هروبا من حرارة الصيف ليعودوا إلى منازلهم مع انخفاض درجات الحرارة شتاء أو بغاية التبضّع على طول السنة
ورغم التطوّر العمراني للمدينة وامتدادها على الأطراف إلا أنّ هذه العلاقة بقيت وثيقة فلا تزال المدينة العتيقة وجهة الصفاقسية من مختلف الطرقات وهو ما يتسبّب في اختناق مروري كبير يومي
الخدمات الإدارية والمرافق الحياتية تتركز وسط المدينة
علاقة الصفاقسية بالبلاد العربي زادتها حدّة علاقتهم بمنطقة باب بحر والـ cent mètres أين تتركّز مختلف الأنشطة الحياتية والخدمات الإدارية وهو ما يساهم في اكتظاظ مروري كبير خاصة مع غياب شبكة متطوّرة للنقل العمومي في الجهة حسب ما أفاد به الخبير في التنمية الحضرية والمحليّة رياض الحاج طيب
من جهته أكد رئيس لجنة التهيئة والتراخيص العمرانية ببلدية صفاقس محمود قدورة أن الهيكلة العمرانية لمدينة صفاقس عمّقت أزمة الاكتظاظ المروري حيث تنتصب المصالح الجهوية والولاية والبنوك والميناء التجاري وسط مركز المدينة داعيا إلى ضرورة تطوير المناطق البلدية المجاورة لبلدية صفاقس على غرار قرمدة والعين والشيحية وساقية الزيت وتركيز جزء كبير من الإدارات داخلها للتخفيف من الفوضى المرورية التي يشهدها وسط المدينة
تضاعف أسطول النقل وكثرة الحوادث
وأشار قدورة إلى أن مدينة صفاقس قد شهدت خلال السنوات الأخيرة تطوّرا كبيرا على مستوى اسطول النقل الذي يقدّر بحوالي 200 ألف سيارة من بينها 700 شاحنة ثقيلة أي بمعدّل سيّارة لكل أسرة وهو ما يتسبّب في كثرة الحوادث المرورية
وحسب المرصد الوطني للسلامة المرورية تحتلّ صفاقس المرتبة الرابعة على المستوى الوطني من حيث عدد الحوادث إذ تمّ تسجيل حوالي 239 حادثا مروريا منذ بداية السنة وإلى حدود 20 ديسمبر الجاري وهو ما خلّف 80 قتيلا و362 جريحا أي بنسبة تقدّر بـ 5.42% من المجموع الوطني للحوادث
غياب سياسة للنقل المستديم
الخبير في التنمية الحضرية والمحليّة رياض الحاج طيب بيّن أيضا أن صفاقس تنقصها سياسة للنقل العمومي المستديم حيث لم يواكب النقل العمومي حجم التطوّر العمراني والديمغرافي لمدينة صفاقس مشيرا في هذا الإطار إلى الصعوبات المالية التي تواجهها الشركة الجهوية للنقل بصفاقس مما يحول دون تطويرها لأسطولها واستجابتها لمختلف طلبات الحرفاء
في مقابل ذلك أكد رياض الحاج طيب الصعوبات التي تواجه مشروع الميترو الخفيف فرغم تقدّم الدراسات إلا أنّ المشكل لا يزال قائما على مستوى التمويل
بدوره وصف رئيس مكتب صفاقس لجمعية تونس للسلامة المرورية لطفي غربال الوضعية المرورية في صفاقس بأنها لم تتطوّر ولا تزال على ما كانت عليه منذ 20 سنة خلت مستنكرا في هذا الإطار غياب استراتيجية مرورية الجهوية
الدولة لا تستثمر في البنية التحتية في صفاقس !
وأكد غربال أن الاكتظاظ المروري في صفاقس مردّه بالأساس النقص الكبير على مستوى المفترقات التي تسهّل حركة المرور على حدّ تعبيره إلى جانب ضعف الربط بين الطرقات الشعاعيّة التي يمكن ان تكون متنفّسا لانسداد حركة المرور على مستوى بعض المناطق
وفي هذا الإطار بيّن رئيس مصلحة التهيئة والتراخيص العمرانية ببلدية صفاقس محمود قدورة أن البلدية ستعمل على فتح بعض الطرقات بتحيين المثال المروري الذي يعود إلى سنة 2002
كما شدّد قدورة على ضرورة تفعيل مشروع قاعة التحكّم في الأضواء المرورية عبر ربطها بالألياف البصرية وتوفير العنصر البشري المختصّ لتسييرها مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذا المشروع سيحدّ من الاكتظاظ المروري عبر التحكّم في مدّة التوقف في الأضواء حسب الاكتظاظ المسجّل في كلّ طريق
تراخي في تطبيق القانون وقلع للعلامات المرورية
قدورة فسّر أيضا الفوضى المرورية في مدينة صفاقس بغياب المآوي الجماعية ذات طوابق على غرار تونس العاصمة داعيا في هذا الإطار الخواص إلى الاستثمار في هذا المجال للتخفيف من الوقوف العشوائي للسيارات خاصة في الأماكن المكتظّة التي لا يتوفّر بها رصيد عقاري شاغر
بدوره استنكر المهندس المعماري محمد التريكي إقدام بعض المواطنين على قلع بعض العلامات المرورية أو طلائها باللون الأسود لطمسها على غرار ما وقع بمنطقة cité des cheminots بين طريق تونس وطريق تنيور على حد تعبيره
كما أشار التريكي إلى تراخي الوحدات الأمنية في تطبيق القانون على المخالفين وهو ما انعكس سلبا على حركة المرور إذ نلاحظ توقّفا للسيارات على المستويين الثالث وحتى الرابع والسير في الاتجاه المعاكس وهو ما يجرّ إلى تعطّل مصالح الناس وأحيانا إلى نشوب خلافات بينهم
الفوضى المرورية تتعمّق في صفاقس بوجود الميناء في قلب المدينة ومرور الشاحنات الثقيلة عبر شارعي الحبيب بورقيبة ومجيدة بوليلة وهو ما ساهم في تدهور البنية التحتية للطرقات وتصدّع المباني
فرغم منع البلدية بقرار جولان الشاحنات الثقيلة عبر شارع الحبيب بورقيبة إلا أنّ هذا القرار بقي حبرا على ورق
أشغال على مستوى حزام بورقيبة
أزمة الاكتظاظ المروري زادتها حدّة الأشغال القائمة على مستوى محوّلات حزام بورقيبة المنجزة على أقساط والتي تعطّلت لأكثر من مرّة بسبب مشاكل عقارية في مرحلة أولى ثم بسبب الحجر الصحّي العام وبسبب عدم ايفاء وزارة التجهيز بتعهّداتها المالية تجاه المقاولين
هذه الاشغال ستتعزّز خلال سنة 2021 بأخرى ستقوم بإنجازها البلدية لصيانة شارع مجيدة بوليلة وتهيئة أرصفته حسب ما أكده رئيس لجنة التهيئة والتراخيص العمرانية ببلدية صفاقس محمود قدورة وهو ما سيتسبب في أزمة مرورية جديدة وسط المدينة
كاتب المقال هدى ورغمي