مصوغ مغشوش وطابع مدلس ...قصة عصابة احتيال تنخر قطاع الذهب بصفاقس
هذا القطاع يعيش هو أيضا على شبهات فساد كبيرة في قطاع المصوغ والمعادن النفسية وتورط في الاتجار بالمصوغ المدلس وتزويد الأسواق على غرار سوق الذهب بصفاقس بكميات من الذهب غير المطابق للمواصفات والعيار حسب ما كشفته الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تقرير صادر عنها.
فبعض تجار الذهب يقدمون على بيع مصوغ بطابع مدلس او غير مطابق للمواصفات القانونية خاصة وانه من الصعب جدا اكتشاف ذلك إلا من قبل المختصين في المجال.
عريس ضحية ذهب مغشوش
''احمد''شاب اصيل صفاقس يستعد للزواج وكما جرت العادة خصص مبلغا ماليا لشراء بعض المصوغ لزوجته المستقبلية لكنه لم يكن يعلم انه سيتعرض للاحتيال من قبل أحد تجار المصوغ بصفاقس وفق قوله.
وبعرض قطعة المصوغ التي اشتراها ''احمد '' على امين الصاغة تبين انها غير مطابقة للعيار ولا تحمل المواصفات المطلوبة حيث انها تتكون من النحاس وعيارها الحقيقي 16 في حين وضع عليها عيار 18 وفق قوله.
عشرات الكيلوغرامات من المصوغ ''المغشوش' تغرق صفاقس
بلغت كميات الذهب الغير مطابقة للمواصفات القانونية والتي تم حجزها سنة 2018 من قبل فرقة الحرس الديواني بصفاقس على مستوى الصخيرة أكثر من 68 كيلوغراما مهربة إلى القطر الليبي بالإضافة إلى ضبط كمية ألفي غرام من الذهب المصنع اغلبها يحمل طابعا مدلسا غير قانوني حسب ما أفاد به آمر فصيل الحرس الديواني بصفاقس لسعد الباي مضيفا أن القيمة المالية الجملية للمحجوز فاقت ال 11 مليارا في تلك الفترة وفق قوله.
أما في النصف الأول من سنة 2019 فقد تم حجز 550 غراما من الذهب بصفاقس يحمل طابعا مزورا حسب ما أكده آمر فصيل الحرس الديواني بصفاقس في تصريح للديوان أف أم مشيرا إلى ان ولاية صفاقس وبالتحديد معتمدية الصخيرة تعتبر منطقة عبور لتهريب الذهب حيث تتم هذه العمليات على مستوى عالي وبتخطيط محكم حسب تعبيره.
واكد الباي في ذات التصريح ان عمليات حجز الذهب تتم بحضور امين الصاغة في صفاقس محمد الطريقي الذي يقوم بتعيير المحجوز ووزنه لتتم احالته على مكتب الضمان بصفاقس.
وبالنسبة لسوق الذهب فقد افاد الباي بان التجاوزات موجودة حيث حجز بعض الكميات لكن لا تعتبر كبيرة مقارنة بالكميات التي تم حجز خارج صفاقس المدينة حسب تقديره.
فساد في قطاع الذهب بصفاقس... تواطؤ كبير
ارقام مفزعة تثبت حجم استفحال الفساد والغش ومدى تورط بعض التجار في صفاقس في الاتجار بالذهب مجهول المصدر او ذي الطوابع المزيفة وتهريب الذهب إلى القطر الليبي ويتم ذلك بتواطؤ مشترك بين بعض الباعة والحرفيين وبعض الاطراف التي تقوم بتسهيل عمليات تهريب الذهب بالإضافة الى تورط اطارات بوزارة المالية واخرين في القباضة حسب ما اكده لديوان اف ام مصدر من هيئة مكافحة الفساد مضيفا انه تم ايقاف عشرات التجار في صفاقس على ذمة التحقيق بخصوص الفساد في قطاع المعادن النفيسة وان التحقيق مازال متواصلا وفق قوله.
أشكال وطرق الغش في الذهب
تتم عمليات الغش في قطاع المصوغ اما من خلال التزوير في العيار اي يكون العيار متدني عما هو مطبوع بقطعة الذهب من خلال اضافة معادن اخرى للذهب كالنحاس او تدليس الطابع حسب ما اكده امين الصاغة في صفاقس محمد الطريقي.
وحسب امين الصاغة بصفاقس فان كيلوغرام واحد من الذهب عيار 18 يتكون من 750 غ من الذهب الخام ويضاف إليه 250 غ من النحاس والفضة مشيرا الى ان عملية الغش تتم من خلال التخفيض من نسبة الذهب الخام وتعويضه بمعادن اخرى وهو ما يفقده قيمته حيث يصبح في الحقيقة عيار16 او 14 رغم انه يحمل عيار 18 وفق قوله.
كما اكد امين الصاغة ان الغش في الذهب يتم أيضا عبر تدليس الطابع وهو عبارة عن نجمة وهلال وسنبلة على اليمين واخرى على اليسار مؤكدا انه من الصعب تقليد هذا الطابع وان الحرفي والتاجر يصعب عليه التفريق بين الطابع المدلس والطابع القانوني وان أصحاب الخبرة في المجال بمكاتب الضمان هم القادرون على اكتشاف ان كانت قطعة الذهب حاملة لطابع مطابق لوزنها ام مقلد حسب تعبيره.
أمين الصاغة والطابع هما الضمان
اصبح شراء الذهب يتطلب معرفة ودراية كبيرة خاصة في الآونة الأخيرة مع انتشار الذهب المغشوش والمقبل على اقتناء قطعة مصوغ يفترض أن يكون قادرا على التمييز بين الذهب الخالص والذهب المضروب .
فكيف يمكن اجتناب الوقوع في فخ الغش سؤال طرحته ديوان اف ام على أهل الاختصاص الذين اكدوا انه من الصعب جدا على المواطن العادي وحتى على التاجر في بعض الاحيان التفريق بين الذهب الحقيقي والذهب المغشوش.
لكن مع ذلك فإنه توجد ضمانات للحريف فالمواطن مدعو الى الابتعاد عن كل محل عشوائي لبيع الذهب والتوجه للمحلات التي لها رخص قانونية ثم يجب على الحريف المطالبة بالفاتورة القانونية كلما اشترى قطعة مصوغ ففي حالة تعرّضه للغش فإن هذه الفاتورة من شأنها أن تضمن له حقه وفي آخر مرحلة يتوجه الى امين الحرفة ليعاين القطعة ويؤكد سلامتها وفق ما افاد به امين الصاغة بصفاقس محمد الطريقي.
تحرير قطاع الذهب من عدمه
يوجد حاليا انقسام حول تحرير قطاع الذهب من عدمه حيث ان بعض المهنيين والصاغة يساندون التحرير معتبرين ان تحرير القطاع سيمكن من استيراد الذهب من الخارج وتصنيعه في تونس ما سيخلق مواطن شغل اكثر للحرفيين في تونس.
في المقابل تبدو السلط المسؤولة ووزارات الاشراف مترددة فيما يخص تحرير قطاع الذهب أمام استفحال الغش والتهريب في هذا القطاع خلال السنوات الاخيرة وهو ما يفسر رفض أمين حرفة الذهب بصفاقس تحرير قطاع الذهب كليا وإلغاء طابع المطابقة معتبرا انه بذلك سيتم إلغاء النظام الرقابي للدولة لتستغل عصابات التدليس والتهريب ذلك داعيا وزارات الاشراف الى الحفاظ على طابع الضمان وجعله اجباري بالإضافة الى تكثيف الرقابة خاصة في ولايات الجنوب التونسي التي انتشرت بها السلع الغير مطابقة للمواصفات القانونية وغير حاملة لطابع المطابقة وفق قوله.
الغش في الذهب أصبح حيلة جديدة لجأ إليها عدد من صانعي المعادن الثمينة في تونس وصفاقس أيضا بخلطه بالنحاس ومعادن أخرى رخيصة الثمن بهدف زيادة أرباحهم المادية فإلى أين سيسير هذا الوضع بقطاع الذهب ؟