مديرة صندوق النقد: ضرورة دعم المالية العمومية من أجل حماية الشعوب في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا
وأكدت، في كلمة القتها لدى افتتاحها الدورة السابعة لمنتدى المالية العامة للدول العربية الملتئم تحت عنوان '' الاستدامة المالية في المنطقة العربية في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا : التحديات والفرص ''، على أهمية مراجعة السياسة المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مشددة على ضرورة تعزيز التعاون والتضامن بين بلدان المنطقة لمواجهة مخاطر عدم الاستقرار وتأثير التغيرات المناخية .
ويشارك في هذا المنتدى الذي يسبق القمة العالمية للحكومات التي تقام في دبي من 13 إلى 15 فيفري 2023 وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في الدول العربية ومن بينهم محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي.ويتراس الوفد التونسي المشارك في هذه القمة العالمية ، رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان.
واعتبرت جورجيفا أن التعاون المتعدد الاطراف هو السبيل الوحيد لمعالجة مسالة الديون في بعض بلدان المنطقة وخاصة تلك التي تعجز فيها السلط الوطنية على معالجتها بمفردها .
ولفتت الى أنه يتوقع تراجع نسق النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا من 5.4 بالمائة سنة 2022 الى 3.2 بالمائة سنة 2023 ليصل الى 3.5 بالمائة في سنة 2024.
وأشارت إلى أن قرار خفض الإنتاج في البلدان المصدرة للنفط وفق اتفاقية / أوبك+/ قد يؤدي الى تراجع ايرادات النفط مبينة في ذات الاطار ان الدين العام يعد مصدر قلق كبير اذ تواجه عدة اقتصادات في المنطقة ارتفاعا في نسب الدين الى اجمالي الناتج المحلي والتي تقدر ب90 بالمائة في بعض الدول.
ومن المتوقع، وفق مسؤولة صندوق النقد الدولي، أن تتجاوز نسبة التضخم في المنطقة 10 بالمائة للسنة الرابعة على التوالي وهي تفوق بذلك معدل المتوسط العالمي.
وبيّنت أن تداعيات ارتفاع نسبة التضخم في اقتصادات الاسواق الصاعدة والمنخفضة الدخل في المنطقة تنعكس على ارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض أسعار الصرف ، متوقعة ان يتراجع التضخم تدريجيا مع استقرار أسعار المواد الاولية من خلال تشديد السياسة النقدية والمالية العمومية واستمرار بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم.
وأضافت أن الحرب الروسية-الاوكرانية التي اندلعت منذ فيفري 2022 والكوارث الطبيعية قد يؤديان الى تفاقم العجز الغذائي في البلدان الاكثر عرضة للمخاطر فضلا عن الارتفاع المتواصل لمعدلات البطالة خاصة في صفوف الشباب مما قد يهدد الاستقرار الاجتماعي.
وأوضحت أن زيادة تشديد الشروط المالية العالمية أو المحلية يمكن أن يفضي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، وفي بعض الحالات إلى نقص التمويل، كما من شأن كلّ تأخر في الإصلاحات الملحة على المستوى المحلي التسبب في مصاعب واعباء على الآفاق الإقليمية والموارد العموميّة لبلدان المنطقة.
وأضافت قولها ''رغم أن السنة الحالية تبدو صعبة، إلّا أنّه من الضروري أن نحافظ على تفاؤلنا ''، لا سيما في ظلّ وجود حلول يمكن ان تجعلها سنة أفضل، وفق تعبيرها، مشدّدة، في هذا الصدد، على دعم صندوق النقد الدولي لبلدان المنطقة.
وفي هذا الإطار، استعرضت جورجييفا ثلاثة مبادئ يمكن للبلدان الاستناد عليها لتدعيم صلابتها ولاسيما على مستوى سياساتها المالية، حيث يتمثل المبدأ الأول في وضع إطار قوي لإدارة السياسة المالية العامة والتعامل مع المخاطر المالية أمام تعدّد الأزمات والتقلّبات في العالم.
ويتمثل المبدأ الثاني في التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ، وتوضح المديرة العامة لصندوق النقد الدولي في هذا الصدد أن حكومات المنطقة أعلنت عن احتياجات تمويلية بقيمة تتجاوز 750 مليار دولار أمريكي على امتداد عدة سنوات لاتخاذ هذه التدابير، معتبرة أن تلبية هذه الاحتياجات تستوجب وضع سياسات عموميّة وحلولا مالية حكيمة لخلق بيئة ملائمة من أجل التمويل الخاص والمتصل بالعامل المناخي.
وبينت انه من الضروري في هذا الاطار ايضا أن تستثمر البلدان في البنية التحتية التي تساعد على مجابهة تغير المناخ وفي تركيز نظم الإنذار المبكر، اضافة الى الاستثمار في الطاقة المتجددة، .
أمّا المبدأ الثالث فيتعلّق بتعزيز الإيرادات الضريبية، خاصة وانه في بلدان المنطقة لا يتعدى متوسط نسبة الضرائب، 11% تقريبا وهو ما يعادل أقل من نصف الحصيلة الممكنة، حسب المسؤولة الأولى بصندوق النقد الدولي التي ترى أنه من الممكن الحصول على نتائج افضل من خلال تحسين تصميم السياسات الضريبية ووضع حدّ للإعفاءات الضريبية التي لم تظهر نجاعتها، مؤكدة أهمية تحديث الإدارة الضريبية، من خلال وضع برامج لتطوير المهارات في هذا المجال.
وتشدّد جورجييفا، من جهة أخرى، على ضرورة تعميق التعاون الدولي في ما يتعلق بإدارة الديون، باعتباره مشكلا مشتركا لبلدان المنطقة والعالم ، قائلة انه '' آن الأوان '' بالنسبة لهذه البلدان للمرور إلى مرحلة التطبيق، سيما وأن العالم العربي لديه خبرة واسعة في مجال التعاون على غرار تعبئة الموارد المالية من قبل بلدان مجلس التعاون الخليجي منها 54 مليار دولار أمريكي لتمويل احتياجات الميزانية وميزان المدفوعات ولتقديم الدعم لبلدان المنطقة منخفضة الدخل والبلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات، مشيرة إلى أنّه يمكن للبلدان المانحة المساهمة في دعم الاستقرار والنمو الاقتصادي على مستوى المنطقة من خلال المشاركة في المبادرات متعدّدة الأطراف.
وأكّدت أن صندوق النقد الدولي يعمل حاليا مع البلدان التي تتوفر على احتياطيات قوية لتحويل هذه الأصول إلى البلدان الأكثر احتياجا، معبرة عن اعتزاز الصندوق بالتعاون القائم مع بلدان المنطقة.
يذكر أن المنتدى السابع للمالية العامة في الدول العربية المنعقد في دبي بالإمارات العربية المتحدة، ينتظم ببادرة من صندوق النقد العربي وشريكه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة المالية الإماراتية، ويهتم بتمويل الحاجيات المالية وبوسائل تعزيز تعبئة الموارد المحليّة وإدارة المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ.
(وات)