الحشّاشون.. من هم وكيف ظهروا؟
كان ظهور طائفة الحشاشين -على يد مؤسسها الحسن بن الصباح الإسماعيلي -واستيلاؤهم على قلعة أَلَموت في بلاد فارس- وبالتحديد في جنوب غرب بحر قزوين منذ عام 483هـ/1090م- عاملاً كبيرًا من عوامل القضاء على السلاجقة وإضعاف العباسيين فضلا عن خطرهم الداهم الذي استمر يصارع القوى السنية المحيطة بهم مثل الزنكيين والأيوبيين والخوارزميين، فضلاً عن الغارات الكبيرة التي كانت تقوم بها هذه المجموعات على المناطق المحيطة والتي كان يسكنها على الأغلب السكان المسلمون السنة.
فرقة شديدة الدموية
وأثارت طائفة الحشاشين جدلاً كبيراً خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي، بعدما أسسها وتزعمها، حسن الصباح، واتخذت من قلعة حصينة وسط الجبال بشمال إيران، مركزاً للدعوة إلى المذهب الإسماعيلي، وكسبت الطائفة أتباعاً في إيران، وبلاد الشام، ومصر، ما جعلها تصطدم بعدد من الحكام، لطريقتها العنيفة، واغتيالها لعدد من الشخصيات السياسية والدينية.
لقبهم "الحشّاشين" أو "الحشّاشية"؛ فقد أُطلق عليهم هذا اللقب لأنهم كانوا يختفون وسط الحشائش لاغتيال معارضيهم، وقيل لشربهم "الحشيش" قُبيل عمليات الاغتيال لمعارضيهم حتى لا يتراجعوا عنها وسط تأثير هذه المادة المخدّرة.
لقد كانت فرقة الحشاشين شديدة الدموية والجرأة في مواجهة الخصوم، وكان السنة والصليبيون على السواء يخافون من غيلتهم ودمويتهم، ومهاراتهم غير المتوقعة في الإجهاز والقتل، ففي تقرير أرسله أحد المبعوثين للإمبراطور الألماني فردريك بربروسا سنة 570هـ/1175م قال "لهم سيد يلقي أشد الرعب في قلوب كل الأمراء العرب القريبين والبعيدين على السواء، وكذلك يخشاه كل الحكام المسيحيين المجاورين لهم؛ لأن من عادته أن يقتلهم بطريقة تدعو للدهشة.
صمود أسطوري في مواجهة الحصار
استطاع الحسن الصباح أن يضرب ضربته الكبرى باغتيال الوزير الشهير نظام الملك الطوسي بعد عدة أسابيع فقط من وفاة السلطان ملكشاه من نفس العام 485هـ/1092م، وقد كان اغتيال نظام الملك من أوائل عمليات الاغتيال الكبرى التي قام بها الحشاشون، وهي فرقة كانت رأس حربة الإسماعيلية في الانتقام من خصومهم؛ بل كانت بداية لسلسلة طويلة من الاغتيالات التي قاموا بها ضد ملوك وأمراء وقادة جيوش ورجال دين، استمرت حتى احتل هولاكو قلعة ألموت وقضى على شوكتهم في الشرق، والتي استمرت حوالي القرنين من الزمان.
وفي كتابه "حركة الحشاشين.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي"، يقول الدكتور محمد عثمان الخشت،: "ثبت لدينا بالدليل القاطع أن الحركة بريئة تماماً من تناول الحشيش المخدر، وأن السبب الواقعي لتسميتها بهذا الاسم كما حققنا يرجع إلى مواقف صمودية كانت تقف في مواجهة ضروب الحصار التي كانت تفرضها عليها الجيوش لمدد طويلة، فكان يصمد الرجال في قلاعهم حتى بعد نفاد المؤن والأطعمة، معتمدين في طعامهم فقط على أكل الحشائش (العشب أو الكلأ)، ومن هنا جاءت تسميتهم بالحشاشين".
وفي المقابل أورد المؤرخ البريطاني برنارد لويس في كتابه "الحشاشون"، رسالة قس ألماني يدعى برو كاردوس رفعها إلى الملك فيليب السادس ملك فرنسا خلال تخطيطه للحملات الصليبية على المنطقة، قال فيها إن "الحشاشين يبيعون أنفسهم، ويتعطشون للدماء البشرية، ويقتلون الأبرياء مقابل أجر.. هم قتلة مأجورون سريون من نوع خطر وذوي مهارة خاصة".
(الشرق – الجزيرة)