باحث في الجغرافيا الفيزيائية : 'مخاطر التغيرات المناخية على مستقبل قرقنة ليست كارثية '

وشدد خلال مداخلة قدمها في أشغال اليوم الثالث من ورشة العمل الدولية "لنحمي تراث قرقنة" المتواصلة فعالياتها في الجزيرة في الجزيرة من 24 إلى 29 سبتمبر 2025 بمشاركة ثلة من الخبراء والباحثين في المجال البيئي من تونس وعديد الدول الأخرى وممثلين عن المجتمع المحلي في قرقنة على أن عديد الإجراءات العاجلة مستوجبة اليوم للتصدي لهشاشة الوسط الطبيعي للجزيرة وقابلية تأثرها بهذه التغيرات المناخية.
وأوضح رياض بوعزيز أنه على الرغم من أن جزيرة قرقنة مصنفة من أكثر المواقع الطبيعية هشاشة فإنه لا يمكن تفسير كل المخاطر التي تهدّدها من الناحية الطبيعية والمناخ بفعل التغيرات المناخية المتسارعة التي تبقى ظاهرة طبيعية بحسب تعبيره.
وتوقع ألّا تتجاوز مستويات تقدم البحر على حساب اليابسة بسواحل قرقنة في أفق 2050 حسب دراسة أجريت في الغرض 30 الى 80 سنتمترا (ما يسمى بنسق التعرية السنوي في الشريط الساحلي) وذلك بالنظر إلى جملة من الخصائص الطبيعية التي تتميز بها الجزيرة ومنها أنها تمتاز بإيكولوجيا بحرية جيدة تتمثل بالأساس في كثافة الأعشاب البحرية والطحالب بالإضافة إلى أن الطبوغرافيا البحرية للجزيرة ضعيفة وقليلة العمق وهو ما يحد من عنف الأمواج.
ومن نقاط القوة الأخرى التي تساعد الجزيرة على الصمود أمام التغيرات المناخية بحسب الأستاذ رياض بوعزيز الامتداد الكبير للسواحل المحصنة بالجرف والصخور الصلبة والتي تكون حاجزا يحد من تقدم البحر.
واعتبر أن خطر التعرية الساحلية بجزر قرقنة يبقى بحسب ما بينته دراسة لتطور خط الساحل بقرقنة من 1963 (صور جوية) إلى 2023 (صور فضائية عالية الدقة) في معدلات عادية باستثناء المنطقة الشمالية الشرقية حيث السباخ والمناطق الرطبة.
في المقابل أكد أستاذ الجغرافيا الفيزيائية رياض بوعزيز أن الوسط الطبيعي في الجزيرة يشكو من مجموعة من نقاط الضعف هي التي فاقمت من قابلية التأثر بالتغيرات المناخية مستعرضا جملة من المخاطر التي يمكن أن تفضي إليها هذه الهشاشة في المنظومة الطبيعية والمتمثلة أساسا في أخطار الفيضانات والانجراف والتعرية الساحلية والتملح وتدهور الوسط البحري والظواهر المناخية القصوى.
وتتمثل أبرز نقاط ضعف الوسط الطبيعي الهش في جزيرة قرقنة وفق تحليله في الانخفاض الطوبوغرافي وتكوّن السباخ والأماكن الرطبة كعوامل مساعدة على تقدم البحر على حساب اليابسة وتتركز نقاط الضعف هذه بشكل خاص في المناطق الشمالية الشرقية للجزيرة.
كما يتميز الوسط الطبيعي لقرقنة بنقاط ضعف أخرى منها افتقاد هذا الوسط للأودية والأحواض المائية التي تحمل رواسب من شأنها أن تخلق التوازن عند ارتفاع منسوب المياه وما تحتويه جيولوجيا المنطقة من تصدعات وظاهرة انخفاف الأرض (subsidence) وتتميز به من انخفاض لمستوى الأرض مما أثر على الدينامية الساحلية وساعد على اختلال الوسط الطبيعي وبروز تأثيرات التغير المناخي خاصة في الجهة الشمالية والشرقية حيث كانت توجد غابات نخيل قبل أن تتراجع بشكل ملحوظ.
ولمجابهة هذه المخاطر شدّد الباحث رياض بوعزيز على ضرورة التصدي للتوسع العشوائي للبناء وإعادة النظر في الموانئ ومنع الصيد الجائر ومراجعة الملك العمومي البحري ومنع أي عملية تهيئة أو تدخل فيها اعتداء على المنظومة الطبيعية.
كما أوصى بتنظيم ملتقى يجمع بين المتدخلين والفاعلين وفي مقدمتهم وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي والبلدية والهياكل المهنية والمجتمع المدني لاتخاذ الإجراءات اللازمة في الغرض ومواصلة الجهود المبذولة في السابق والمتمثلة في وسائل حماية شملت جزء هاما من سواحل الجزيرة والتدخل السريع للمناطق المهددة بالانجراف البحري.
وشدد على ضرورة التصدي لكل الأنشطة التي تهدد الأعشاب البحرية والطحالب والمسارعة في التدخل لحماية برج الحصار (بالتعاون مع معهد التراث) وميناء القراطن من تقدم البحر وغيرها من المنشآت والمعالم.