النهضة الولادة القيصرية وأثارها المستقبلية
تنامي الخلافات
.إذن أربكت عملية تقديم الانتخابات الرئاسية عل التشريعية حسابات النهضة وفرض عليها البت في اختيار مرشحها قبل التعرف على قوتها في التشريعية هذا الوضع زاد في تأجيج الصراعات الداخلية التي تعيش على وقعها الحركة خاصة وان الرافضين لتوجهات رئيسها أصبحوا يعبرون علانية على رفضهم لتوجهاته مما ادخل البلبلة والانقسام في صفوف القواعد سواء تعلق الامر بسياسية التوافق مع الباجي او الانحياز ليوسف الشاهد ضد السبسي
ومما زاد الوضع تأزما الخلاف حول من سيحظى بدعم النهضة لانتخابات الرئاسة هل يكون من داخل الحركة او من خارجها وقد زاد الإرباك بعد تدني شعبية يوسف الشاهد حسب عديد المؤشرات و الاوضاع التي يعيشها حزب تحيا تونس وكذلك بفعل الحملة التي قادها البعض لترشيح عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الحالي لمنصب الرئاسة والدعم المباشر وغير المباشر لبعض الشخصيات من الحركة لهذا الترشح على غرار لطفي زيتون المستشار السياسي للرئيس راشد الغنوشي . زيتون كان استقال من هذا المنصب بعد ظهور خلافات حول توجهات الحركة مما أبعده على ان يكون ضمن المرشحين في التشريعية كما زاد قرار الغنوشي الترشح الى الانتخابات التشريعية الوضع تعقيدا خاصة مع تداول موضوع عزمه ترأس مجلس النواب فراشد الغنوشي رئيس الحركة وزعيمها التاريخي لا يمكن باي حال من الأحوال الا ان لا تكون عينه على رئاسة المجلس باعتباره صاحب السلطة الكبرى في البلاد نظرا لان النظام السياسي هو نظام برلماني
الخياران احلاهما مر
ان تأجيل الحسم في مرشح النهضة للرئاسية داخل مجلس الشورى ليومين عمق الازمة التي تعيشها الحركة وهي ازمة قيادة ومهما يكون الاختيار على مرشح من الداخل او من خارج الحركة فستكون انعكاساته كبيرة عليها
لقد وجد راشد الغنوشي نفسه مجبرا على الاختيار هذه لمرة بعد ان ضاق مجال المناورة وفقد القدرة على فرض موقفه وقبل ان يزكي زميله عبد الفتاح مورو ليكون العصفور النادر الذي كان يبحث عنه حاول ان يدفع باتجاه مرشح من خارجها قد يكون عقد معه اتفاق .
فتردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للبلاد تتحمل النهضة قسطا كبيرا فيه فمشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية ودعمها ليوسف الشاهد في صراعه مع السبسي لم يساعدها على تجاوز المحصلة السلبية للسياسات المعتمدة في لبلاد والتي زادت في استفحال ازمتها الاقتصادية . كما ان عدم انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية تتحمل النهضة فيه قسطا كبيرا من المسؤولية فهي صاحبة اكبر كتلة في البرلمان.
اما على المستوى الداخلي فان القفز على نتائج الانتخابات الداخلية للحركة لاختيار المرشحين لانتخابات التشريعية عمق الازمة داخل جسمها غير مضمون
لقد اظهرت عديد الانتخابات في العالم ان الناخب لا يميل الى اعطاء القوى السياسية الحزبية الإمكانية للفوز بالتشريعية والرئاسية في نفس الوقت ويحاول دائما ان يخلق توازنا بينهما حتى لا يساعد أي حزب على التفرد بالسلطة كما ان التجربة المريرة التي مر بها الشعب التونسي في حقبة بن على تجعله يرفض تفويض حزب سياسي وحيد لحكم البلاد منفردا وتجربة 2014 شاهد على ذلك
ان ترشيح عبد الفتاح مورو للرئاسية والغنوشي للتشريعية سيلقي حتما بظلاله على النتائج من جهة ومستقبل الحركة من جهة اخرى هذا في ظل تقلص قاعدة الناخبين للنهضة والذي تجلى في انتخابات البلدية مقارنة بالانتخابات السابقة اضافة الى المليون ناخب الجديد المسجلين في الانتخابات.
وفي ظل هذه الاوضاع من الصعب جدا ان تتمكن النهضة من تحقيق فوز في الرئاسية من جهة وفي التشريعية من جهة اخرى أضف الى ذلك الاوضاع الاقليمية والدولية التي لا تساعد النهضة كحزب اسلامي على الفوز بالسلطتين
قد تخسر النهضة السلطتين وقد تفوز بإحداها والأقرب انها ستبذل قصارى جهدها للفوز بالتشريعية نظرا للاهمية للنظام البرلماني من جهة وطموح راشد الغنوشي للفوز برئاسة مجلس باردو
فهل ارتخت قبضة راشد الغنوشي على الحركة . نتائج الانتخابات القادمة ستكون مهمة لتحديد وضع الحركة في الخريطة السياسية في البلاد خاصة وانها تخلت عن جل حلفائها .
انتخابات 2019 ستكون حاسمة في نتائجها وخاصة لحزب حركة النهضة الذي لن يشذ على قاعدة ما عرفته الأحزاب السياسية الأخرى من تقلص وتشتت وتشرذم
وهل اصبحت حركة النهضة يتيمة بعد وفاة الباجي قايد السبسي؟
بقلم حافظ الهنتاتي