سعيد و ماكرون اللقاء الأول ... وبعد
فبالرغم من أن زيارة سعيد الى باريس كانت مبرمجة في شهر فيفري الماضي وتأجلت بفعل ازمة الكورونا فان الرئيس قيس سعيد سيكون اول رئيس أجنبي يستقبل في الاليزيه بعد رفع الحجر الصحي بسبب هذه الازمة في العالم . و زيارة سعيد تتزامن مع اشتداد الأزمة الليبية عسكريا وسياسيا ..
أول وأخطر الملفات التي يحملها معه قيس سعيد ملف الوضع المتفجر في ليبيا والذي قد يزداد تعقيدا بفعل التطورات العسكرية على الميدان و التدخلات الأجنبية وآخرها تصريحات الرئيس المصري التي ردت عليها واشنطن بوجوب عدم التدخل العسكري والعودة الى اتفاقات القاهرة و برلين .
تطورات عسكرية وآفاق سياسية غائبة
الموقف الفرنسي من الوضع في ليبيا سيكون اذن اهم محاور المباحثات بين الرئيسين فالمنطقة تشهد تطورات عسكرية مهمة قد تقلب موازين القوى على الميدان كما تعيش على وقع توجس من التعامل التركي مع الملف الليبي مما رفع في نسق التحركات الدبلوماسية خاصة بعد الخسائر العسكرية لجيش المشير حفتر في عديد المواقع . ومن بين اللقاءات التي عاشت على وقعها المنطقة مؤخرا لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج فالجزائر لها رأيها الخاص بها في الملف الليبي وتعد عنصرا فاعلا في الملف وقد اختارت أن تتحرك دون ضجيج .
كما أن وزير خارجية فرنسا سيلتقي اليوم وزير خارجية اليونان قبل ان يتحول الى لندن وبرلين لبحث نفس الملف وخاصة الموقف من احد أعضاء حلف الناتو من الوضع في ليبيا وهي تركيا .
تونس اللي جددت عبر رئيس الجمهورية في عيد المرات وقوفها على الحياد من أطراف النزاع في ليبيا ستحاول مرة أخرى تسويق موقفها لاحد أهم القوى الفاعلة في الساحة الليبية وهي باريس بحثا عن مساعدة قد تقيها من انعكاسات خطورة تطورات الأوضاع وخاصة العسكرية في الجارة الجنوبية التي لها معها حوالي 460 كلم من الحدود .
الحرارة المفقودة
والى جانب الوضع في ليبيا فان ملف العلاقات الثنائية التونسية الفرنسية سيكون احد ابرز المحاور في لقاء الرئيسين التونسي والفرنسي
فرغم عدم مرور لائحة المطالبة بالاعتذار في البرلمان على الجرائم التي اقترفتها فرنسا عهد الاستعمار فان العلاقات التونسية الفرنسية تتميز منذ قدوم الرئيس قيس سعيد بشئ من البرود ليس نتيجة للائحة ائتلاف الكرامة بل لغياب رؤية إستراتجية لهذه العلاقات مثلما كان الشأن في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي الذي كانت تربطه علاقات صداقة حميمة بالرئيس ماكرون . ولعل المؤشر على ذلك بقاء التمثلية الدبلوماسية التونسية في باريس من دون السفير والقنصل العام منذ اكثر من ستة اشهر وهو وضع لا يمكن ان يتواصل
الحرارة في العلاقات الثنائية قد تعود بفضل المساعدات الفرنسية لتونس لإعانتها على تخطى الأزمة الاقتصادية التي ضربتها بفعل ازمة فيروس الكورونا وتأثيراتها على النمو الاقتصادي وحسب بعض المصادر فان ماكرون قد يقدم لتونس هبة مالية هامة إضافة الى قرض لفائدة المؤسسات الاقتصادية التونسية لتتجاوز أزمتها خاصة وان تونس تستعد لاحتضان مؤتمر القمة الفرنكوفونية
الفرنكوفونية وبعد
الأكيد ان تونس مثل باريس تبحث عن تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من خلال تنظيم قمة الدول فرنكوفونية في تونس السنة القادمة رغم ان لكل منهما رؤيته للموضوع بدءا من مكان تنظيم القمة فتونس تقترح جربة لاحتضانها بينما يرى الفرنسيون ان العاصمة قد تكون المكان الأفضل هذا الى جانب تغيير المكلف بالملف في رئاسة الجمهورية بعد صعود قيس سعيد لسدة الرئاسة. ولقاء مكرون وسعيد سيمثل الفرصة لتوحيد الرؤى بينهما من اجل ان يحافظ كل منهما على مصالح تخدم بلده سياسيا واقتصاديا
الجميع في انتظار مخرجات قمة سعيد وماكرون وهم يسالون هل ستعود الحرارة للعلاقات التونسية الفرنسية ام ان فرنسا قد تخسر نهائيا موقعها كشريك تقليدي لتونس لصالح بلدان أوروبية أخرى كالمانيا وبريطانيا بالخصوص بعد خروج هذه الاخيرة من الاتحاد الأوروبي وبفعل الموقف من الوضع في ليبيا .
حافظ الهنتاتي