الإتجار بالحيوانات البرية في الصين .. هل هو مصدر فيروس كوفيد-19 ؟
كما يؤكد حسب موقع france culture على ضرورة القيام بدراسة سلسلة انتقال هذا الفيروس التاجي من الحيوان الى الانسان عن كثب كما يشدد على ضرورة إنشاء محكمة صحية دولية للحد من الاتجار بالحيوانات البرية واستهلاكها بطرق غير قانونية.
''ديدييه سيكار هو متخصص في الأمراض المعدية وعمل بشكل خاص على فيروس نقص المناعة البشرية لفترة طويلة. وهو طبيب في الطب الباطني ، وهو الآن هو أستاذ فخري في جامعة السوربون الفرنسية.''
ما المقصود بالاتجار غير المشروع بالأحياء البرية ؟
يقود الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية أنواع الكائنات الحية إلى حافة الانقراض مع تشكيل مخاطر بيئية واقتصادية وتنموية وأمنية أكبر ( إنتشار فيروس كورونا ) . ولكن هذا ليس أمرًا محتومًا. لأن البلدان في جميع أنحاء العالم والأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية والوطنية الأخرى والشركات والحكومات وقادة الرأي الرئيسيين يعملون جميعًا معًا لرفع مستوى الوعي وسن قوانين أقوى وإنفاذها وتكثيف الدعم للجهود التي تبذلها المجتمعات المحلية لوقف الاتجار غير المشروع بالأحياء البرية.
يتم تنظيم التجارة الدولية في الأنواع المعرّضة للخطر والمهددة بالانقراض من خلال اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرّضة للإنقراض (CITES) التي تسعى جاهدةً لضمان أن تتم التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات البرية في إطار قانوني ومستدام ويمكن تتبعه ولا يضر ببقاء الأنواع في الحياة البرية.
ولسوء الحظ، تتجاهل تجارة الحيوانات البرية غير القانونية واسعة النطاق القوانين القائمة، كما أنها تشهد ازدهارًا. وهذا يعني أنه عندما يشتري الناس منتجات حيوانية أو نباتية يكون مصدرها القتل أو جمع أنواع الكائنات بصورة غير مشروعة، يكونوا بذلك متواطئين في استمرار الجريمة ضد الحياة البرية، عن علم أو غير علم.
الإتجار بالحيوان البرية في الصين .. هل هو مصدر فيروس كوفيد-19 ؟
نقطة الانطلاق هي سوق مفتوحة في مدينة ووهان الصينية تتراكم فيها الحيوانات البرية والثعابين والخفافيش و الجرذان المخزنة في صناديق . و في هذا السوق يقوم البائعون بذبح هذه الحيوانات و شويها و تلطيخها بالبول ثم يتم بيعها للناس .
و من خلال هذه الظروف يتوقع الطبيب الفرنسي '' ديدييه سيكار'' أن البائع يمكن أن يكون قد أصيب أو لمس البول الملوث قبل وضع يده على وجهه و من هنا إنطلقت الحكاية .
و يقول سيكار : ''ما يدهشني دائمًا هو اللامبالاة منذ البداية. وكأن المجتمع مهتم فقط بنقطة الوصول: اللقاح ، العلاج ، الإنعاش. ولكن لكي لا يحصل هذا مرة أخرى ،وجب معرفة مصدر هذا الفيروس. الأمر المثير هو اللامبالاة التي تظهرها الحكومات تجاه أسواق الحيوانات البرية حول العالم حيث يقال أن هذه الأسواق تجني الكثير من المال مثل سوق المخدرات.''
ليست هذه هي المرة الأولى التي تسبب فيها الحيوانات أزمات صحية؟
يؤكد الأخصائي الفرنسي أن الحيوانات بالفعل هي سبب معظم الأزمات الوبائية في التاريخ ( فيروس نقص المناعة البشرية ، وأنفلونزا الطيور و الخنازير ، والإيبولا ).
و يقول :''نحن نعلم أن هذه الأوبئة ستعود مرة أخرى في السنوات القادمة بشكل متكرر إذا لم نقم بحظر الاتجار بالحيوانات البرية بشكل دائم. يجب تجريمه مثل تجارة الكوكايين . و يجب معاقبة كل المتداخلين في اقتراف هذه الجريمة . يبدو الأمر كما لو أن الفن البيطري والطب البشري ليس له علاقة. ينبغي أن يكون أصل الوباء مدار اهتمام الدول و ليس البحث عن اللقاح.''
ما نوع البحث الذي يجب القيام به؟
يحاول '' ديدييه سيكار'' إعادة بناء المسار الوبائي و ذلك بتصوير مشهد انتقال الفيروسات بين الحيوانات حيث يقول :''تتدلى الخفافيش في الكهوف وتموت ، تسقط على الأرض لتأكلها الأفاعي التي من المحتمل أن تكون مضيفات وسيطة للفيروسات.''
هناك فرضية أخرى تتعلق بالانتقال الفيروسي الذي يحدث عندما تخرج الخفافيش ليلًا لتناول الفاكهة فهي تقوم أيضا بتلويثها عبر التبول. و منه تنتقل العدوى من الثمار الملوثة الى الإنسان .
ما علاقة السكان المحليين بهذه الخفافيش؟
يقول الطبيب الفرنسي :''ما أدهشني في لاوس ( دولة اسيوية ) ، هو أن الغابة الأساسية تتقلص لأن الصينيين يبنون محطات وقطارات هناك. يمكن أن تصبح هذه القطارات ، التي تعبر الغابة دون أي احتياطات صحية ، ناقلة للأمراض الطفيلية أو الفيروسية عبر الصين ولاوس وتايلاند وماليزيا وحتى سنغافورة. قد يصبح طريق الحرير ، الذي يكمله الصينيون حاليًا ، أيضًا الطريق لانتشار الأمراض الخطيرة.''
و يضيف :'' لأن لحوم الخفافيش مطلوبة بشدة في تلك المناطق يميل البشر إلى الاقتراب من الأماكن المعروفة بالكهوف و يقومون ببناء حدائق أشجار فواكه قريبة جدًا من هذه الكهوف لأنه لم يعد هناك أشجار بسبب إزالة الغابات ثم يقومون بأكلها أو بيعها في الأسواق''
الثقافة الشعبية .. هل ستتغير ؟
تؤكد بعض التقارير أن الاتجار بالحيوانات البرية في اسواق غير قانونية لن ينتهي بسهولة مثل الاتجار السلاح و المخدرات .
فرغم قرار الحكومة الصينية بحضر بيع قطط الزباد في عام 2003 بعد الاشتباه بنقلها لفيروس سارس إلى الأنسان الا ان الثقافة الشعبية متمسكة بتجارة هذه الحيوانات، خصوصا و أنها تستعمل أيضا في الطب الصيني التقليدي.
وعرضت وكالة الانباء الفرنسية تسجيلات مسربة من احد الاسواق الصينية تظهر فيها الثعابين وكلاب الراكون والغزلان داخل أقفاص جنبا إلى جنب مع المتسوقين وأصحاب المتاجر، كما تم تصوير بعض الحيوانات وهي تذبح أمام الزبائن.
ويقول الخبراء إن هذه الحيوانات لها فيروسات خاصة بها، ويمكن أن تقفز من نوع إلى نوع آخر، ثم تتعرض هذه الأنواع لطفرات من خلال احتكاكها بعدد كبير من الناس، لتقفز إليهم وتقتلهم في أي لحظة كما يحدث الآن.
