اتحاد المرأة: "توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد يمس بمكتسبات المرأة"

وأوضحت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي أنّ موقف الاتحاد من مقترح القانون المتعلّق بمهنة عدول الإشهاد ليس من باب التنازع حول الاختصاص ولا هو صراع بين مهن وإنما هو من باب الدفاع عن حقوق ومكتسبات المرأة التونسية.
وبيّنت أنّ ما تضمنه مقترح القانون، وتحديدا ما ورد بالفصل 26 منه من حصر لاختصاصات مطلقة لعدل الإشهاد دون سواه، ومن ذلك اختصاصه "بتوثيق الطلاق الرضائي"، يعدّ مساسا بمكتسبات المرأة التونسية وحقوقها التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، مشيرة إلى أن ذلك جعل من تونس نموذجا في مجال حقوق النساء، ومن مجلة الأحوال الشخصية مرجعا يكرّس الاستقرار الأسري.
وبيّنت أن مقترح القانون في صيغته الحالية ينطوي في علاقة بالتنصيص على توثيق الطلاق الرضائي على تعارض مع عدد من النصوص القانونية سارية المفعول وعلى رأسها دستور جويلية 2022 الذي ينصّ في فصله 12 على أن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، فضلا عن أحكام الفصول 22 و23 و51 و52 منه التي تضمن حقوق المرأة ومكتسباتها، هذا بالإضافة إلى مجلة الأحوال الشخصية التي تنص صراحة على أنه لا طلاق إلا لدى المحكمة، وهو التجديد الذي أرساه المشرع آنذاك بجعل الزواج رسميا وكتابيا والطلاق حكميا، حيث أحاطت الرابطة الزوجية العناية الخاصة لتجعل السعي نحو قطعها مسألة تدار داخل قصور العدالة. فالقاضي هو من يحكم بالطلاق دون سواه.
كما أوضحت رئيسة الاتحاد أن توثيق الطلاق الرضائي لدى عدل الإشهاد يخالف ضمنيا منظومة حماية حقوق الطفل التي ضمنتها مجلة الطفل والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس والتي أوجبت على قاضي الأسرة إصدار أحكام وفقا لمصلحة الطفل الفضلى.
وأفادت يأن الهدف من الإجراءات القضائية لإيقاع الطلاق فيه محاولة لإثناء الزوجين عن ذلك وهو ما يؤكد أهمية الخلية العائلية وحماية الأفراد من الآثار السلبية للتفكك العائلي من ناحية، وضمان حقوق كل الأطراف.
واعتبرت أن إسناد هذا الاختصاص لعدول الاشهاد دون سواهم بتعلّة المساهمة في الحد من ضغط قضايا الطلاق على المحاكم والحد منها وتيسيير إجراءات الطلاق الرضائي، يعدّ طرحا يتعامل مع الزواج على أنه عقد لا مؤسسة يمكن انهاءه بمجرد تحرير وثيقة.
كما أشارت إلى أن تجارب اتحاد المرأة الميدانية أثبت أنّ رفع دعاوى طلاق بالتراضي لا يعكس الاتفاق الفعلي بين الزوجين وإنما يصدر لإكراهات وأسباب مختلفة.
وأكّدت أن مؤسسة القاضي الصلحي هي الوحيدة الكفيلة بإصلاح ذات البين بين الزوجين، والوقوف على الأسباب الحقيقية للطلاق، وأن دعم هاته المؤسسة وإصلاحها إن اقتضى الأمر، وحده كفيل بحماية حقوق المتقاضين وأبناءهم القصر.
وأضافت أن الطلاق لا يمكن أن يصدر إلا عن المحاكم، مبيّنة أن إلغاء دور قاضي الأسرة والطور الصلحي وما يقتضيه أحيانا من تكليف ذوي الاختصاص في مجالات فنية أو علمية لمزيد الاطلاع على حقيقة أوضاع الزوجين المتنازعين، هي آليات كفيلة بضمان حقوق جميع الأطراف لا يمكن أن يقوم بها غير القضاة المختصين والمؤهلين للبت في النزاعات الأسرية.
وأشارت إلى أن الاستئناس بعدد من التجارب المقارنة في هذا المجال يعد من باب المغالطات حيث أن تدخل عدول الإشهاد لتوثيق الطلاق الرضائي يكون في إطار مسار تفاوضي لمحاميي الطرفين ويستغرق حيزا زمنيا مهما.
كما بيّنت أن هذه البلدان بصدد مراجعة هذه الإجراءات التي اثبتت عدم نجاعتها فضلا عن أن الدعوة إلى استنساخ مقاربات مخالفة لخصوصيات وموروث المجتمع التونسي لا تستقيم لخطورتها وتهديدها للسلم الاجتماعي والنظام العام.