وطنية

الحوكمة المحليّة ..إرادة موجودة وآليّات مفقودة

15 13:44 2019 جوان
الحوكمة المحلية
يعتبر نموذج السلطة المحليّة وإرساء مبادئ اللامركزيّة والتشاركيّة من أهمّ سمات الحكم في هذه الفترة. ولأنّ الدستور التونسي لم يتضمّن آليات تنفيذ هذه المبادئ ولأنّ هذه المفاهيم لم تكن حتى زمن قريب دارجة في وعي المجتمع التونسي، فقد تعدّدت الدراسات واللقاءات والدورات التكوينيّة وذلك من أجل إيجاد الآليات لإرساء هذه المبادئ على أرض الواقع وتجذير هذه الثقافة داخل المجتمع التونسي.

"الحوكمة المحلية ..ضمان لحقوق الأجيال القادمة"

في هذا الاطار، يحتضن مقر الأكاديمية البرلمانية بباردو اليوم السبت 15 جوان 2019 وعلى امتداد يومين، مؤتمرا مغاربيا للحوكمة المحلية تحت شعار "الحوكمة المحلية أساس للتنمية المستدامة وضمان لحقوق الأجيال القادمة".

وجاء هذا المؤتمر في إطار إعداد أرضيّة بين دول المغرب العربي لتبادل التجارب وللشراكات بين بلديات المغرب العربي حيث أنّ هناك عديد النماذج البلدية التي أخذت خطوات مميّزة وتجارب ناجحة حسب ما أكّده سليم أحمدي رئيس مكتب تونس بالمنظمة الدولية للحوكمة المحليّة وذلك خلال استضافته في برنامج "فاميليا" عبر موجات ديوان أف أم.

وأضاف أحمدي أنّ المؤتمر سيشهد حضور رئيسة المنظمة الدولية للحوكمة المحلية وعدد من رؤساء بلديات من تونس ودول المغرب العربي بالإضافة إلى كل من سفراء المغرب والجزائر وليبيا و وسفراء .

وعن الشراكات، قال محدّثنا أنّ هناك شراكة مع لجنة الصناعة والطاقة باعتباها ممثلة التنمية المستدامة بمجلس نواب الشعب بالإضافة لشراكة مع وزارة المرأة والأسرة حول المرأة الفاعلة والقيادية وعلاقتها بالحوكمة المحليّة والتنمية المستدامة .

كيف يشارك المواطن في إدارة شؤونه المحليّة؟

يؤكّد الخبير في الحوكمة المحليّة بلال المنّاعي في تصريح لـ"ديوان أف أم" أنّ الحوكمة المحليّة تقوم على أساس مبدأ اللامركزية، وهو شكل من أشكال التنظيم الاداري الذي يقوم على الاعتراف بجماعات عمومية محلية (بلديات وجهات وأقاليم) تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية، وتسند لها صلاحيات أوسع لتحمل المسؤوليات التنموية المحلية.

وتقوم الحوكمة المحليّة على عدّة مبادئ من بينها الديمقراطيّة التشاركيّة وهو مبدأ دستوري أقرّه دستور جانفي 2014 في الفصل 139 ومنظومة الحوكمة الرشيدة حسب المعايير الدولية ويفسّرها المنّاعي بأنّها مجموع الآليات والوسائل التي تتيح للمواطنات والمواطنين المشاركة الفاعلة في إدارة الشؤون المحلية. كما أنّ مفاهيم الديمقراطية التشاركيّة تجعل من المواطن والمجتمع المدني والمؤسسات الاقتصاديّة شريكا في إعداد البرنامج المحلي للمنطقة.

أمّا المبدأ الآخر الذي تقوم عليه الحوكمة المحليّة فهو الحوكمة الرشيدة أو"التصرّف في طريقة التصرّف" وهي مراجعة طرق وإجراءات وآليات التصرّف المعتمدة في الموارد المتاحة سواء المادية أوالبشرية وتقييمها وتطويرها وترشيدها وفق ما فسّره المناعي ، مضيفا أنّ ذلك يكون عبر إضفاء مزيد من الشفافية والتشاركية والمساءلة في مختلف مراحل أخذ القرار، وهو ما من شأنه أن يعزز نجاعة وفاعلية وجدوى التدخل العمومي ويحسن من جودة الخدمات المسداة على حدّ قوله.

ويرى مراقبون أن هناك إرتباط آخر بالحوكمة المحليّة وهي الحوكمة المفتوحة كمفهوم تشتغل عليه الأمم المتحّدة وعديد المنظّمات الدوليّة. وتهدف الحوكمة المفتوحة بالأساس الى محاربة الفساد وإرساء قيم الشفافيّة، وذلك عن الطريق النفاذ لكل معلومة.

عزوف المواطن عن المشاركة في صياغة السياسات المحلية

بعد المصادقة على الدستور بخصوص النظام اللامركزي تأسّست مجلّة الجماعات المحليّة وأصبح العمل البلدي ثقافة جديد في البلاد حيث أنّ تواجد ممثلي الشعب محليّا جعل من الضروري ان يطبقوا مفهوم الحوكمة المحليّة.

"مشاركة المواطنين التونسيين متفاوتة ونسبيّة من بلدية إلى أخرى وتتأثر بعدة عوامل أساسية أهمّها مدى قناعة رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي بأهمية المقاربة التشاركية" هذا ما أكّده الخبير في الحوكمة المحليّة بلال المنّاعي لديوان أف.

وأضاف أنّ هذه القناعة تترجم عبر عدّة وسائل من أجل الاستماع إلى أراء المواطنين والاستجابة لمطالبهم واعتماد خطة تواصلية ناجعة تصل إلى أوسع فئة ممكنة من متساكني المنطقة على حدّ تعبيره.

وعن أسباب هذا العزوف، يقول المنّاعي أنّ هناك عدة أسباب منها ضعف الإعلام المسبق بالاجتماعات والجلسات المخصصة للمواطنين. بالإضافة إلى عقم العملية التشاركية عبر افراغها من محتواها وجعلها جلسات ديكورية للاستماع فقط دون خطوات عملية لاحقة للإجابة على تطلعات المواطنين على حدّ قوله.

ويضيف محدّثنا أنّ عديد المجالس البلديّة تشهد تجاذبات سياسية حوّلت العملية التشاركية إلى تصفية حسابات بين المتخاصمين. بالإضافة إلى تعدّد شبهات الفساد وسوء التصرف وضعف التزام المسؤولين بوعودهم الانتخابية أو بتعهداتهم أضعف رصيد الثقة في المجالس البلدية من قبل المتساكنين.

ما من حلّ يوجد لأي مواطن لإدارة شؤونه إلا القانون والدستور والديموقراطية. لذلك من الضروري إيجاد أطر للتكوين ولتأسيس وعي جديد يواكب النظام اللامركزي في البلاد.

 ايمان السكوحي

كاتب المقال La rédaction

كلمات مفتاح

آخر الأخبار

منذ دقيقة 15

نظّم قسم القلب بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة بإشراف الأستاذ عبد الله المحظاوي، يومي 31 أكتوبر و1 نوفمبر 2025، يومين تكوينيين في تقنية توسيع الصمام التاجي عبر القسطرة، بمشاركة أطباء من تونس والسنغال، بإشراف الأستاذين محمد سامي المورالي وعبدول كان رئيس الجمعية السنغالية لطب القلب، وبمتابعة الخبير الدولي الأستاذ رشيد مشماش.

منذ دقيقة 25

دعت حركة تونس إلى الامام في البيـــان الختامي لاجتماع المجلس المركزي أيام 31  أكتوبر و1 و2 نوفمبر، إلى التّأسيس لمسار تشاركي مع الأحزاب والمنظّمات الوطنيّة تحصينا لمسار 25 جويلية كلحظة فارقة في المسار الثّوري، وجددت التمسّك بأهداف 25 جويلية

منذ دقيقة 41

شدد عضو مجلس النواب علي زغدود خلال مداخلة له الإثنين بمناسبة جلسة برلمانية لمناقشة مهمة التجهيز والإسكان، ان جهة بن قردان التي تمثل عمقا استراتيجيا واقتصاديا وحدوديا لتونس تحتاج الى رؤية شاملة وجريئة في مجال التجهيز.