عدم ختم رئيس الجمهورية للقانون الانتخابي معدلا: قراءات مختلفة لدستور واحد!
الوطني خصوصا أنه لم يمارس حق الرد الى البرلمان للنظر فيه ثانية أو يقوم بعرضه على الاستفتاء.
وتجاوز الخلاف حول الموضوع المشهد السياسي ليكون سمة مميزة لقراءات وتأويلات أساتذة القانون الدستوري في الجامعة التونسية.
انقضاء آجال الختم خرق للدستور
وفي هذا الاطار اعتبر أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني في تدوينة له بتاريخ الخميس 18 جويلية 2019 أن الباجي قايد السبسي هو المترجم "الحقيقي" الوحيد للدستور بالمعنى المقصود في نظرية القانون ، أي المؤسسة الوحيدة التي يتمتع تفسيرها بسلطة قانونية لا تخضع للاستئناف ، مشيرا الى أن هناك 3 مواعيد لختم القانون و الاذن بنشره ،لا يمكن أن يتجاوز أقصاها منتصف ليل الجمعة 19 جويلية الجاري.
وقال اللغماني ان رئيس الجمهورية قد لا يختم القانون و يخرق الدستور، متابعا: ' ...أنا متأكد أنه لن يخرقه' .
قانون ساري المفعول حتى في صورة عدم ختمه
من جهته قال أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك ان تجاوز آجال الختم يعني ان القانون يعدّ مختوما بحكم النص الدستوري مضيفا أن أي تأويل آخر يصب في النهاية إلى إسناد رئيس الدولة اختصاصا ضمنيا خارقا و خرافيا يمكنه من الضرب عرض الحائط بكامل العملية التشريعية و تحويلها إلى عملية عبثية محكومة بارادته المنفردة.
وأضاف بن مبارك أن كل تأويل مخالف يؤدي بدوره إلى الضرب بعرض الحائط للآجال الدستورية و إفراغها من محتواها و كأنها آجال غير ملزمة و غير ذات مفعول، فان كان الفصل 81 لا ينص صراحة على هذا التأويل فانه يفهم منه بالضرورة ذلك.
واعتبر أن أي تأويل اخر يعطي لرئيس الجمهورية حق فيتو مطلق و نهائي على أي مشروع قانون يمكنه من قبر أي قانون لا يحلو له أو لا يروق له و هذا كان موجود في أنظمة الملك المقدّس الغابرة من القرون الوسطى و لم يعد موجودا حتّى في أنظمة الاستبداد الحديثة.
'رئيس الجمهورية يرفض ممارسة مهامه'
أما أستاذة القانون الدستوي سلسبيل القليبي فقد رأت في تدوينة لها على صفحتها الرسمية بموقع الفايسبوك أن أي قانون غير مختوم من قبل رئيس الجمهورية لا يكتسي أي صبغة للنفاذ و الدخول حيز التطبيق ،مشيرة الى أن السلطة التنفيذية وتحديدا رئاسة الجمهورية هي المسؤولة على تنفيذ القوانين وهي التي تأمر بتنفيذها، قائلة ان الختم هو عبارة عن أمر بتنفيذ القانون كقانون للدولة بعد ما استوفى جميع الاجراءات نافية وجود ما يمسى بقبول ضمني للقانون من قبل رئيس الجمهورية باعتبار انتهاء آجال الختم.
وأكدت القليبي في تصريحات اعلامية أن عدم ختم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لتعديلات قانون الانتخابات والاستفتاء في الآجال القانونية التي خولها له الدستور، يعتبر رفضا منه لممارسة مهامه وخرقا للفصل 81 من الدستور.
رئيس الجمهورية يتمتع بحرية التأويل في ظل غياب المحكمة الدستورية
وقال أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ في تصريح اعلامي لاذاعة جوهرة أف أم بتاريخ 18 جويلية الجاري ان الغاية من الختم هي اعطاء الصبغة الرسمية للقانون حيث لا يمكن اعتبار أي قانون نافذا دون أن يختمه رئيس الجمهورية ، مشيرا الى وجود لخبطة قانونية.
واعتبر أن الفصل 81 من الدستور لم يدخل حيز النفاذ برمته باعتبار عدم ارساء المحكمة الدستورية مضيفا أن النص المحدث للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لا يمنحها صلاحيات المحكمة الدستورية ويكتسي غموضا.
وأضاف أن رئيس الجمهورية له أن يمارس القراءة التي يريدها في ظل عدم ارساء المحكمة الدستورية و يمكن أن لا يختم القانون دون أن تنجر عن ذلك أي عقوبة حيث يقف دور الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين على مراقبة دستورية مشاريع القوانين فقط ، مشيرا الى أن النص لا يصبح قانونا إلا بوجود ختم رئيس الجمهورية.
وكان المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة قال في تصريحات اعلامية أمس السبت ان رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لم يختم القانون الانتخابي المنقح لأنه "يرفض منطق الإقصاء ويرفض أن يمضي تعديلات قدت على المقاس لجهات معينة"، مؤكدا أن الرئيس هو الحامي لدستور جانفي 2014 والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.