فخري الأندلسي.. من باحث عن العمل إلى "ارهابي" محكوم بالاعدام
بصوت مبحوح ومكلوم أرسل نداء استغاثة عبر موجات جوهرة اف خلال بثّ برنامج بوليتيكا، دعا فيه كلّ المتعاطفين معه للقيام بوقفة احتجاجيّة مع عائلته امام السفارة القطريّة.
استغاثة والدته التّي انتشرت مثل النار على الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الجميع يتحرك... لماذا وكيف وماهي قصة فخري الاندلسي؟
برنامج "هنا تونس"، حاول اماطة اللثام عن بعض تفاصيله.
"جريمة ارهابية "
فخري الأندلسي، هو مواطن تونسي أصيل ولاية القيروان، من مواليد سنة 1991، وقع القبض عليه بزعم قتل مواطن، من جنسية صومالية، يعمل كجندي تحت الراية القطرية.
وقد أفادت والدة فخري الاندلسي، في تصريحات اعلاميّة، بأن القضاء القطري أصدر بتاریخ 29 مارس 2018 حكما بالاعدام في حقّ ابنھا الوحيد في جریمة " لم یرتكبھا".
وأوضحت أنھا فقدت الاتصال بابنها منذ 14 جوان 2017 بعد أن سافر إلى قطر یوم 1 اكتوبر 2016 للبحث عن عمل بعد حصوله على شھادة جامعیة في مادّة الانقلیزیة.
والدة فخري اتّصلت عديد المرّات بوزارة الخارجیة لتستفسر عن ابنھا المفقود منذ ذلك التاریخ. الى أن فجعت في شهر جويلية من نفس السنة أن ّ ابنھا متورط في جریمة قتل على الاراضي القطریة.
تفاصيل الحكم، حسب وثيقة رسميّة تحصّلت عليها الديوان أف أم، تؤكّد تورّط أربعة أطراف في هذه القضيّة، تونسيّان وبنغليّان: فخري رضوان اندلسي، المهدي شريف عمدون، مورشاليان شيخ و مد اشرف. وكانت التهم الموجّهة لهم القتل العمد مع سبق الاصرار والشروع في القتل وقيادة وانضمام لتنظيم ارهابي (تنظيم الدولة الاسلاميّة،داعش) بالاضافة الى احراز أسلحة وحريق عمدي و مقاومة السلطات.
وقد حكمت المحكمة حضورياً أولًا وبإجماع الاراء بمعاقبة فخري رضوان اندلسي بالاعدام حداً رميًا بالرصاص حتى الموت عما اسند اليه من اتهام. ثانيًا، بمعاقبة كلا من مهدي شريف عمدوني ، مد اشرف ، مورشاليان شيخ بالحبس المؤبد عما اسند الى كلّ منهم من اتهام وبابعادهم خارج الدولة عقب تنفيذ العقوبات او سقوطها. ثالثًا، بمصادرة الأسلحة والهواتف والمبالغ النقدية والمضبوطات.
التونسي مهدي العمدوني عاد الى تونس في جويلية 2020 بعد ان أتمّ مدّة عقوبته بالسجون القطريّة بثلاث سنوات بعد ان كانت 25 سنة.
تعدد الروايات
تعدّدت الروايات حول قضيّة فخري الاندلسي، وكثر التلاسن والاتهامات حول من كان وراء انقاذ الاندلسي من حكم الاعدام. ترافع عدد من المحامين التونسيين من بينهم النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف ، والذي أكد في جانفي 2020 بأنه تم التلاعب بقضية فخري الأندلسي على غرار إخفاء كاميرا المراقبة وتضارب أقوال السلطة القطرية في القضية وإخفاء الحقائق رغم تقديم كل دلائل براءته. واعتبر مخلوف بأنّ هذه التهمة زائفة وملفقة وأن القاتل هو من داخل المدرسة العسكرية بقطر.
عمار : عائلة القتيل رفضت الديّة
النائب عن التيّار الديمقراطي محمّد عمّار اكّد لديوان اف انّه اوّل من علم بحكم الاعدام ضدّ فخري بصفته رئيسا للجالية العربيّة في ذلك الوقت.
وقبل خمسة أيّام من تنفيذ حكم اعدام الاندلسي، كتب عمّار تدوينة تحدّث فيها عن القضيّة. فتحركت الخارجية التونسية زمن خميس الجيهيناوي وكلفت مكتب محاماة قطري بالقضّية. محمّد عمار تحدّث أيضا عن مراسلاته مع المجتمع المدني للديوان الاميري، مضيفا: " زرت أنا والمحامي التونسي عصام الشريف، وهو محام بمكتب المحاماة القطري المكلّف بالدفاع عن فخري، عائلة الجندي الصومالي المقتول وعرضنا عليهم ايجاد حلول بديلة واذا كان هناك امكانية للمسامحة. لكنّ هذه العائلة رفضت الديّة وتمسّكت بحقها في القصاص."
مذيوب : لدي ثقة في القيادة القطريّة
من جهته، قال النائب عن حركة النهضة، وممثّل الجالية العربيّة، ماهر مذيوب إنّ فخري الأندلسي يواجه تهمة خطيرة أسفرت عن جريمة قتل في محيط ثكنة عسكرية في قطر.
وقد أكّد في تصريح للديوان أف أم بأنّ المساعي لايجاد الحلول في هذه القضيّة كانت منذ عهد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ثمّ تواصلت المساعي مع الرئيس قيس سعيّد، مضيف انّ هذا الملفّ حضي باهتمام بالغ ومتابعة حينيّة.
وختم حديثه قائلا:" معرفتي في القيادة القطريّة وثقتي الكبيرة في أخلاقهم تجعلني متؤكّدا بانّهم سينظرون بعين الرحمة لأمّه وعائلته، ولن يكون الّا خيرا".
وليد حجّام: الاندلسي نال كلّ حقوقه
وفي تواصلنا مع رئاسة الجمهوريّة اكّد لنا وليد حجّام، من القسم الدبلوماسي لرئاسة الجمهورية، أنّ متابعة هذه القضية ومحاولة معالجتها كانت منذ فترة طويلة وتحديدا منذ زيارة أمير قطر إلى تونس في مطلع سنة 2020، وأيضا خلال زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد، إلى قطر في نوفمبر 2020 حيث تمت هذه القضية على حدّ تعبيره.
الرئاسة علمت بخبر قرار الاعدام يوم الثلاثاء المنقضي، فكان تدخّل الرئيس قيس سعيّد ناجعا حسب تاكيد كمال الحجّام، وتقرر تأجيل حكم الإعدام إلى 1 ماي مع البحث عن حلول بديلة للعقاب.
وأضاف المسؤول الديبلوماسي أنّ الدولة التونسية تحترم القرارات الصادرة عن الدول الشقيقة وتحترم سيادتها، وانّ الدولة التونسية عملت ما يلزم وكلفت محامي للدفاع عن حقوق هذا الشاب التونسي ولكن في الأخير تم اصدار قرار نهائي في شأنه. وشدّد وليد الحجّام انّ فخري الاندلسي نال كلّ حقوقه كأي مواطن تونسي مقيم بالخارج.
رغم تشعب الملف وغموض تفاصيله، ورغم الاختلافات الطاغية على المشهد السياسي التونسي، الّا انّ قضيّة الشاب التونسي فخري الاندلسي وحدت مواقف الرئاسات الثلاثة في محاولة، ربما، لاستثمار هذا الملف سياسيّا وربح بعض النقاط لصالحهم، الّا أنّ الرابح الوحيد هو "خالتي وسيلة" والدة فخري والتي تنتظر بفارغ الصبر تبرئة ابنها واعادته الى حضنها.
إيمان سكوحي