قاتل الحذاء التونسي ؟

صناعة الاحذية في صفاقس...في ذمة الله
70 بالمائة من مصانع وورشات الاحذية بعاصمة الجنوب صفاقس اغلقت ابوابها بين سنتي 2010 و2017 كما تراجع عدد المدابغ من 10 الى مدبغتين فقط تعملان دون استمرارية.
سماع إفلاس أصحاب ورشات ومصانع الاحذية اصبح أمرًا مألوفًا في السنوات الاخيرة بصفاقس التي تعتبر رائدة في هذا المجال حسب ما افاد به رئيس الغرفة الوطنية لحرفيي الأحذية وجدي ذويب في تصريح لديوان اف ام.
قطاع الجلود والأحذية قطاع يعيش أزمة عميقة لأسباب عديدة داخلية وخارجية اصبحت تهدد استمراره اذ احتدت الازمة وشملت كل ولايات الجمهورية فعلى المستوى الوطني حوالي 50 بالمائة من اصحاب مصانع وورشات الاحذية اعلنوا افلاسهم خلال ال7 سنوات الاخيرة وفق ذويب.
مهنة ''الصبابطية'' تحتضر والتهريب احد الاسباب
تجولت ديوان اف ام داخل عدد من مصانع وورشات الأحذية بصفاقس لمعرفة أسباب التدهور الشديد الذي آلت إليه إحدى الصناعات الوطنية الهامة والتى كانت لها قدرة تشغيلية كبيرة فتبين ان من بين أبرز أسبابها التوريد العشوائي وإغراق السوق بالأحذية المهربة من الجزائر والصين والتي لا يدفع اصحابها اية معاليم ديوانية للدولة حسب تصريحات محمد ذويب صاحب مصنع احذية بصفاقس ،مبينا أن هذه السلع لا تخضع لمواصفات الجودة وتتسبب في امراض جلدية مما جعل الحذاء التونسي في شبه موت سريري ومهنة "الصبابطي" تحتضر.
الأمر ذاته أكده رئيس الغرفة الوطنية لحرفيي الأحذية وجدي ذويب والذي أفاد بأن حوالي 70 بالمائة من الاحذية بالسوق التونسية متأتية من التجارة الموازية مما جعل المهنة في تونس مهددة بالاندثار.
سلع أجنبية...تهديد اضافي لمستقبل الحذاء التونسي
حرفيو وصناعيو قطاعي الجلود والأحذية لا يعانون فقط من السلع الموردة بشكل عشوائي بل ايضا من المنافسة غير الشريفة بين الانتاج التونسي والإنتاج المورد بشكل منظم من الصين وتركيا وغيرها من البلدان.
السلع الموردة اصبحت تهدد السوق التونسية اذ ان معالمها الديوانية منخفضة جدا مقارنة بالاداءات التي يدفعها اصحاب المصانع التونسية لشراء المواد الاولية وهوما يفسر الكميات الكبيرة من السلع الاجنبية التي تغزو السوق التونسية.
في المقابل يشهد المنتوج التونسي تراجعا في الكميات وفي الجودة بسبب ارتفاع اسعار المواد الاولية وانهيار الدينار التونسي بالإضافة الى الارتفاع المشط للمعاليم الديوانية.
وهكذا تكون امكانية منافسة البضائع التونسية لغيرها من البضائع الاجنبية وخاصة التركية ضعيفة جدا إن لم نقل منعدمة وهو ما يفسر تراجع قيمة الحذاء التونسي من حيث الجودة مقابل ارتفاع قيمته من حيث الثمن حسب رئيس الغرفة الوطنية لحرفيّي الأحذية.
أحذية ''الفريب'' خطر داهم
أزمة الحذاء التونسي تتعمق يوما بعد يوم لتكون من بين أسبابها أيضا الاحذية المستعملة فالكميات التي تدخل الى تونس من الفريب تتجاوزت الكميات المسموح بها سنويا حسب القانون التونسي وهو ما يستوجب تطبيق القانون على الجميع وتكثيف الرقابة على نشاط توريد الملابس المستعملة الى جانب منع ترويج احذية الفريب في السوق التونسية حسب ما صرح به رئيس الجامعة الوطنية للجلود والأحذية اكرم بالحاج الذي أكد ايضا أنه في حال تواصل النسق بهذا الشكل فإن جميع المؤسسات ستغلق أبوابها نهائيا.
تطبيق القانون على الجميع وتكثيف الرقابة على نشاط توريد الملابس المستعملة الى جانب تطبيق القانون التونسي فيما يخص أحذية الفريب اصبح ضرورة حسب ما صرح به رئيس الجامعة الوطنية للجلود والأحذية اكرم بالحاج.
حلول في الانتظار
الحل لإنقاذ قطاع الاحذية يكمن في عدد من الاجراءات منها مقاومة ظاهرة الانتصاب الفوضوي وتدفق السلع المهربة من كل مكان وفرض رقابة صارمة والتثبت من البضائع مجهولة المصدر وتحرير مخالفات لردع أصحابها فهذه السلع المهربة تنافس بضائعنا التونسية منافسة غير شريفة.
والمحافظة على المهنة من الاندثار وإنقاذ العاملين بها من شبح البطالة باعتباره ذي طاقة تشغيلية مرتفعة تشمل ايضا عددا كبيرا من حاملي الاعاقات يستوجب ايضا تطبيق القانون بخصوص الاحذية المستعملة التي يمنع القانون التونسي بيعها بسبب آثارها الصحية السلبية بالإضافة الى مراجعة نسبة الأداءات التي يخضع لها أصحاب مصانع الاحذية وفق رئيس الجامعة الوطنية للجلود والأحذية اكرم بالحاج.
آلاف العائلات التي كانت تعيش من صناعة الحذاء تشتت وفُقرت المئات والحل الى الآن مفقود وهو ما يستوجب التحرك العاجل من طرف المصالح الجهوية والوطنية لإنقاذ مهنة الجلود والأحذية من الاندثار...فإيجاد حل لقطاع الاحذية اصبح اليوم ضرورة لا خيارا.
�
كاتب المقال ملاك اللومي