هل تحوّلت الأزمة السياسية إلى صراع حول "السلطة" و"الارادات والأمزجة"؟
استبعدت استاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، في تصريح للديوان أف أم، قيام رئيس الحكومة هشام المشيشي باستبعاد الوزراء الذين أثاروا جدلا. وقالت "لو أن رئيس الحكومة ينوي أو مستعدّ للتخلّي عن الوزراء الذين رفضهم رئيس الجمهورية، لأعلن ذلك بصريح العبارة"، معتبرة أن تصريحه كان منقوصا.
وأضافت قائلة "بما أن رئيس الحكومة أعرب عن عدم تقديم استقالته، فإن الحل الوحيد الذي بقي هو التخلّي عن الوزراء الذين رفضهم رئيس الجمهورية لأنه ليس هناك خيار آخر الآن" على حدّ تقديرها.
وأوضحت القليبي أن الاشكال لا يقتصر على أداء اليمين الدستورية فقط، ولكن يكمن أيضا في التسمية، مبيّنة أنه من غير الممكن أن يعمل وزيرا أو موظّف دولة دون تسمية وأن أمر التسمية هو بيد رئيس الجمهورية وفق تعبيرها.
ورأت محدّثتنا، "أن المسألة قد تحوّلت إلى صراع شخصي "وشكون يكسّر كلمة الآخر"، وأن التوازنات السياسية أوصلتنا اليوم إلى مأزق،" مشدّدة على أن الحلّ لم يعد يتعلّق بالقانون، وليس هناك مخرجا آخر سوى الحلّ السياسي من خلال جلوس الطرفين معا لايجاد حلّ سريع للأزمة.
واعتبرت "أن النزاع القائم في ظاهره بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، ولكنه في الواقع هو حرب شرسة بين رئيس الجمهورية وحركة النهضة، وتحديدا رئيسها راشد الغنوشي، وهشام المشيشي هو فقط آداة للحرب من أجل الهيمنة على السلطة".
من جانبه، رأى المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي، أن الأزمة الراهنة ستكون لها تداعيات خطيرة على مستوى العلاقات بين مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، موضّحا أن هاتين المؤسستين أصبحتا مرتبطين بـ"أمزجة الأشخاص الماسكين بها".
وقال "نحن سنخرج من الصراع السياسي إلى نوع من "صراع الارادات" و"صراع الامزجة" الذي هو دليل على الأزمة المؤسساتية الكبرى، والتي ستؤثر تأثيرا قويا ومباشرا على الدولة ومستقبلها، يعني أننا لم نعد نتصارع حول سياسات مختلفة يمين، يسار، أو وسط ولم نعد نتحدث عن رهانات المرحلة القادمة وبالتالي نجعل من صراع اليوم فرصة لتنضيج الحياة السياسية، وإنما اصبحنا اليوم في صراع الافراد".
وعبّر عن خشيته في ظل هذا التنازع أن ننزل من مستوى الصراع بين الافراد الذين يحكمون، الى مستوى الشارع والمواطنين، وبالتالي يصبح هناك تدافع في الشارع بين أحزاب وتيارات يختلفون في مشروعهم وبرنامجهم السياسي حسب قوله.
وأردف بالقول، "نحن الآن بصدد الانحراف بشكل خطير ونتجه نحو طريق مسدودة، ونخلق نوع من التنافر والحقد الذي يبرز شيئا فشيئا بين الأشخاص المتحكّمون في المعادلة السياسية".
وتابع في السياق ذاته، "أن رئيس الجمهورية يعتبر أن صراعه الجوهري والأساسي هو مع حركة النهضة ويرى أن المشيشي هو ورقة في يد راشد الغنوشي، وبالتالي فإن الصراع يطغى عليه الجانب المزاجي وهذا خطير لأنه سينعكس على مستوى الشارع بعد أن دعت حركة النهضة للنزول الى الشارع وتنظيم مسيرة واسعة،" واصفا ذلك بـ"عملية استعراض قوة".
وأشار إلى "أن حركة النهضة تريد أن تقول لرئيس الدولة، أنت تريد تعطيل الحكومة ودفع المشيشي إلى الاستقالة، ونحن نجيبك بأن الاستقالة لن تتم وأن رئيس الحكومة سيواصل مهامه، وأنت نزلت الى الشارع لتبين أن الشارع معك، فنحن أيضا الشارع لنا قول ومساهمة فيه،" محذّرا في هذا الاطار من وقوع انزلاق خطير يهدّد مستقبل عملية الانتقال الديمقراطي.
وقال إن الحل اليوم هو أن يحدّد رئيس الجمهورية، الأشخاص الذين لديه تحفظات عليهم ويحدد الأسباب، وبعد ذلك عليه أن يستمع إلى وجهة نظر رئيس الحكومة، معتبرا أن هذا الجانب مازال غامضا لدى رئاسة الجمهورية.
في المقابل قال الجورشي، إن هناك طرح داخل رئاسة الجمهورية وبالتحالف مع أطراف سياسية تقف معه، تعتبر أن ما يحصل هو فرصة لازاحة المشيشي وإبعاده من الطريق، وتعويضه بشخص آخر يرضى عليه قيس سعيد ويرضى عليه حزامه السياسي على حد تعبيره.