وسط أزمة ثقة في موسّسات الدولة.. هبّة مجتمعية في الحرب ضدّ الكورونا
الحملات التطوعية انطلقت في الأحياء والمدن بين شباب وشبات آمنوا بأن حب الوطن والتحابب بين أبنائه يكون بالفعل وليس بالقول، فرغم فتح وزارة الصحة لصندوق تبرّعات فإن المواطنين اختاروا تنظيم حملات تبرع مجتمعية بعيدا عن مؤسسات الدولة.
صفعة للمسؤولين..
مريم الزاهي، هي ناشطة بالمجتمع المدني بمدينة جبناينة من ولاية صفاقس، أطلقت حملة تبرعات من اجل توفير مكثفات اوكسيجين لأبناء الجهة، تحدّثت للديوان اف ام، عن المبادرة قائلة "الحملة انطلقت مثل الحلمة، وجاءت الفكرة نتيجة حاجة عديد أبناء الجهة الذين أصيبوا بالكورونا ولم يجدوا أوكسجين، إضافة إلى غياب أي مبادرة من قبل منظمات أو أحزاب أو جمعيات".
وأضافت أنها قامت بتنزيل منشور على "الفيسبوك"، أعلنت فيه عن إطلاق حملة تبرعات، مشيرة إلى أنها وجدت عديد التفاعلات من أهالي الجهة، وتم خلال 10 أيام تجميع مبلغ مالي قدره 16 مليون، ما يوفر 4 مكثفات اوكسيجين وفق قولها.
وأكّدت محدّثتنا، أنها لم تجد أي تفاعل من قبل المسؤولين أو السياسيين في الجهة، قائلة في هذا السياق "انا أطلقت المبادرة لأننا فقدنا الثقة في المسؤولين.. وما نقوم به هي خدمة من الشعب وإلى الشعب حتى تكون صفعة للأحزاب والمنظمات والجمعيات ونقول لهم نحن قادرين على العيش بمفردنا".
وتابعت الزاهي، أنه بعد شراء مكثفات الاوكسيجين سيتم وضعها لدى طبيب بالجهة، وهو يقوم بمنحها للمستحقين وفق شروط معينة.
تفاعل كبير..
من جانبها، تحدّثت زينب قديش، وهي شابة أصيلة مدينة الحمامات التابعة لولاية نابل، عن الحملة التي أطلقتها على "الفيسبوك" من أجل شراء مكثفات اوكسيجين لجهة بئر بورقبة، وأوضحت في تصريح للديوان اف ام، أن ما شجعها على إطلاق المبادرة هو تزايد حاجة المواطنين للأوكسيجين خلال الآونة الأخيرة.
وأردفت "من هنا تشجّعت وقمت بتنزيل اعلان عن حملة تبرع على حسابي بـ"الفيسبوك"، والحمد لله وجدت العديد من التفاعلات من قبل أبناء الجهة وأيضا من الجالية التونسية بالخارج وتم تجميع مبلغ مالي لشراء 4 مكثفات".
ولفتت إلى ان "تفاعل الناس معها بكثرة حفّزها على مواصلة حملتها بكل ثبات، من اجل الحد من عدد الوفيات بالكورونا في البلاد".
وقالت قديش، إن الحملة وعلى أهميتها في انقاذ عديد الأرواح فإنها لم تجد أي تفاعل من قبل مسؤولين أو سياسيين بالجهة.
وأفادت في سياق متصل، بأن مكثفات الأوكسيجين سيتم وضعها عند طبيبين بالقطاع الخاص في الجهة (بئر بورقبة) ليكونوا على ذمّة المواطنين.
أزمة ثقة..
وفي محاولة لفهم خلفيات الهبّة المجتمعية، وتكاتف جهود أبناء الوطن لتوفير مكثفات اوكسيجين، في ظل تأزم الوضع الوبائي وارتفاع اصابات ووفيات كورونا منذ نحو أسبوعين، اتصلنا بالأستاذة في علم الاجتماع والباحثة درّة محفوظ، التي رأت أن المبادرات التي تم اطلاقها تدل على وجود أزمة ثقة في مؤسسات الدولة.
وبيّنت محفوظ، أن المواطنين مازال في ذاكرتهم موضوع التبرعات لصندوق 26/26، وأين ذهبت تلك الأموال؟ وأيضا التبرعات التي تحصلت عليها الدولة بعد الثورة، مشدّدة على أن اليوم هناك غياب لمفهوم الشفافية بين المواطن والدولة.
وأكّدت ان المواطن عندما يتبرع بشيء ما، يريد أن يرى نتيجة ملموسة لتبرعه، مثل ماهو حاصل مع الجمعيات حسب قولها.