باحثة: كيف حولت الصين "الربيع العربي" إلى مكسب لها؟
وتقول ربوع إنه عندما اجتاحت الاحتجاجات المنطقة عام 2011، تذبذبت واشنطن بين دعم المتظاهرين ومجاراة الحلفاء السلطويين، ما ولد ارتباكا وأضعف مصداقيتها لدى جميع الأطراف.
وترى ربوع أنه في مصر، بدت الولايات المتحدة وكأنها تخلت عن الرئيس آنذاك حسني مبارك. وفي ليبيا، أسقطت الزعيم معمر القذافي من دون خطة لما بعده. وفي سوريا، أعلنت أن "الأسد يجب أن يرحل" من دون أن تفعل الكثير لتحقيق ذلك.
وتزامنت هذه المرحلة مع صعود الصين بوصفها المنافس الرئيسي للقوة الأمريكية. وبينما كانت واشنطن منشغلة بتداعيات سياسة ساهمت هي نفسها في إطلاقها، تحرك خصومها. فبينما كانت أمريكا مشتتة، تقدم خصومها.
وبحسب ربوع، كانت إيران أول من استغل الفرصة. فقد أتاح إضعاف الدول العربية منافذ للتوسع عبر الوكلاء. وأصبح كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن عقدا مركزية في الاستراتيجية الإقليمية لطهران. وتحول "حزب الله" إلى قوة عسكرية موازية تمتلك ترسانة تضم نحو 100 ألف صاروخ وآلاف الثذائف.
كما حول الحوثيون اليمن إلى منصة للإكراه الإقليمي، وبعد أكتوبر 2023 وسعوا هجماتهم لتشمل طرقا بحرية تمر عبرها ما بين 12 و15% من التجارة العالمية.
ومع تراجع مصداقية الولايات المتحدة وسط تدخلات متناقضة، قدمت بكين نفسها بديلا غير أيديولوجي، يركز على السيادة والاستقرار والانخراط الاقتصادي من دون اشتراطات سياسية وبات ينظر إلى الصين على نحو متزايد بوصفها طرفا يمكن التنبؤ بسلوكه ويتعامل بمنطق المعاملات.
وتوسعت الصين بشكل منهجي. ففي أسواق الطاقة، أصبحت العميل الذي لا غنى عنه، إذ استوعبت معظم صادرات النفط الإيرانية ووفرت لطهران شريان حياة اقتصاديا يخفف من وطأة العقوبات الأمريكية.
وفي أنحاء الخليج، حصلت شركات صينية على حصص في مصافي التكرير ومنشآت الغاز الطبيعي المسال كما قامت شركة الاتصالات الصينية ببناء شبكات الجيل الخامس وبيع أنظمة مراقبة، ما خلق تبعيات تمتد إلى البنية الرقمية للدول الإقليمية.
وبحلول أوائل عشرينيات القرن الحالي، تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والشرق الأوسط 500 مليار دولار سنويا، متفوقا على التجارة الأمريكية مع المنطقة.
فالصين تدعم إيران اقتصاديا وتعزز قدراتها عسكريا. وعلى الصعيد الاقتصادي، تولد مشتريات الصين من النفط الإيراني، التي غالبا ما تنفذ عبر شبكات شحن غامضة وصفقات مخفضة، مليارات الدولارات سنويا، ما يبقي النظام قائما رغم عقوبات "الضغط الأقصى".
أما على الصعيد العسكري، فقد عززت التكنولوجيا الصينية قدرات إيران في الطائرات المسيرة والصواريخ، وهي الأنظمة نفسها التي تنتشر اليوم لدى "حزب الله" والحوثيين والقوات الروسية في أوكرانيا.
د أ ب

