ما الذي يحدث بين فرنسا والاحتلال ؟

وأكد البيان أن "الرسالة التي بعث بها رئيس حكومة الإحتلال لن تمر دون رد"، واصفًا إياها بأنها "دنيئة ومبنية على مغالطات".
كما شدد على أن الجمهورية الفرنسية "تحمي وستواصل حماية جميع مواطنيها من أتباع الديانة اليهودية".
وتأتي هذه التصريحات في سياق متصل بخطوة أثارت غضب تل أبيب وأعادت العلاقات الفرنسية الإسرائيلية إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة المرتقبة.
وردّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتهام مباشر لماكرون بأنه "يغذّي معاداة السامية في أوروبا"، وهو ما اعتبرته باريس "ادعاءً خاطئًا ومهينًا".
الرد الفرنسي جاء حاسمًا، إذ وصفت الخارجية الفرنسية تصريحات نتنياهو بأنها "مضلّلة وغير مقبولة"، مؤكدة أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يتعارض مع التزام باريس بمحاربة الكراهية ضد اليهود، بل هو خطوة ضرورية نحو تحقيق السلام العادل والدائم.
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تصعيد دبلوماسي متواصل شمل قرارات واتهامات متبادلة، أبرزها تعليق تأشيرات دخول، واستدعاء سفراء، وإلغاء مشاركات إسرائيلية في فعاليات فرنسية.
تصعيد تدريجي بلغ ذروته في الصيف
قبل الخوض في تفاصيل التطورات الأخيرة، من الضروري فهم السياقات والخلفيات التي أدت إلى هذا التوتر المتصاعد بين باريس وتل أبيب، والتي تجلّت في سلسلة من الإجراءات والقرارات الدبلوماسية والسياسية خلال الأشهر الماضية.
ففي جوان الماضي، منعت باريس خمس شركات دفاع إسرائيلية من عرض أسلحة هجومية في معرض باريس الدولي للطيران، في قرار وُصف في تل أبيب بأنه "تسييس لسوق السلاح" و"انحياز فجّ".
كما فرضت فرنسا عقوبات على مستوطنين متطرفين ومنعت دخولهم إلى أراضيها، ضمن موقف متزايد الحزم تجاه الانتهاكات في الضفة الغربية.
ثم في ماي، أطلقت قوات الاحتلال طلقات تحذيرية قرب وفد دبلوماسي أوروبي يضم دبلوماسيين فرنسيين خلال زيارة إلى جنين، ما دفع باريس إلى استدعاء السفير الإسرائيلي وتقديم احتجاج رسمي على "الانتهاك غير المقبول للأعراف الدبلوماسية".
لاحقًا، منعت تل أبيب دخول وفد من 27 نائبًا فرنسيًا يساريًا كانوا يخططون لزيارة الأراضي الفلسطينية، في خطوة أثارت استياءً رسميًا واسعًا في باريس وُصفت بأنها "خنق متعمّد للصوت السياسي الأوروبي المنتقد".
تراشق لفظي في ذروته بين نتنياهو وماكرون
الأزمة أخذت منعطفًا أكثر حدّة في أوت الجاري، مع تصعيد شخصي من نتنياهو الذي حمّل ماكرون، إلى جانب رئيس وزراء أستراليا، مسؤولية تصاعد معاداة السامية بسبب "مواقفهم العدائية ضد إسرائيل"، على حد تعبيره.
الرئيس الفرنسي رد بشدة، واصفًا كلام نتنياهو بأنه "عارٌ سياسي"، مضيفًا: "نرفض استخدام مأساة معاداة السامية كأداة لتمرير سياسات الاحتلال".
في الوقت نفسه، أكدت باريس استمرار التوجه الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، بالتنسيق مع دول مثل إيرلندا وإسبانيا والنرويج، كخطوة دبلوماسية "لا رجعة فيها".
تبقى العلاقات الفرنسية بالاحتلال الإسرائيلي على مفترق طرق، وسط تعقيدات دبلوماسية وسياسية عميقة، تستدعي مراقبة مستمرة لمعرفة تطورات المشهد في الأشهر المقبلة، وكيف ستؤثر هذه الخلافات على مسار السلام والاستقرار في المنطقة.