نظام عالمي جديد..في قمة منظمة شنغهاي للتعاون؟

وتقول الدكتورة يو جي في تحليل نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني، إنه مع اقتراب فصل الصيف من نهايته، دخلت بكين موسم ذروة الدبلوماسية بإقامة فعاليتين رئيسيتين في أسبوع واحد، وهما قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين شمال شرق الصين وعرض يوم النصر لإحياء الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، في ساحة تيانانمن في بكين ولا يمكن إغفال الجانب الرمزي في هذا.
واعتبرت المتحدثة، أن هذين الحدثين يوجهان رسالة واضحة، وهي أن الصين تصور نفسها على أنها حاملة لواء عالم متعدد الأقطاب بقيادة الجنوب العالمي، في مواجهة الرواية الغربية لنظام دولي ليبرالي بقيادة الولايات المتحدة. وقد تم إعداد الفعاليتين بعناية على المسرح السياسي، من خلال مزج المواقف الدبلوماسية والقوة العسكرية والرواية التاريخية.
وتؤكد الدول المشاركة في الفعاليتين أن التركيز الاستراتيجي للصين لا يزال على آسيا وبمشاركة أكثر من 30 رئيس دولة ومنظمة دولية، حضرت معظم القوى الآسيوية الكبرى- مع غياب ملحوظ لليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والفلبين، وهم حلفاء أمنيون مقربون للولايات المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون هي تكتل إقليمي نشأ في تسعينيات القرن الماضي، مع تركيز أولي على حل النزاعات الحدودية بين دول آسيا الوسطى، إلا أن المنظمة تطورت مؤخرا لتتحول إلى منتدى يهدف إلى إبراز رؤية عالمية بديلة غير غربية.
ومن بين أعضاء المنظمة الصين والهند وإيران وباكستان وروسيا.
كما حضر قمة الصين رئيسا تركيا وصربيا. وترى يو جي أن الصين تدرك بوضوح الفرصة التي منحتها إياها السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تركز على الداخل ونهجه القائم على "الضغط الأقصى" على شركاء الولايات المتحدة التجاريين في المنطقة.
وقد استفادت بكين حتى الآن من خطاب ترامب المنسحب من خلال مضاعفة جهودها الدبلوماسية لإعادة ضبط أو تعزيز علاقاتها الثنائية مع مجموعة واسعة من الدول في المنطقة وخارجها.
وفي القمة الأخيرة، انتهز الرئيس شي جين بينج الفرصة لتقديم مبادرة الحوكمة العالمية، ليضيفها إلى المبادرات السابقة الخاصة بالتنمية العالمية والأمن والحضارة.
وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من أبرز المشاركين في القمة، وهو ما يشير إلى تحول واضح بعد سنوات من الخلافات الشديدة بين أكبر دولتين من حيث عدد السكان في العالم. كما تأتي زيارة مودي للصين في أعقاب فرض ترامب رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند، وهي صدمة لدولة اعتبرت نفسها شريكا موثوقا به لواشنطن.
وتشير قراءات الاجتماع الذي عقد يوم السبت الماضي بين مودي وشي إلى أن الجانبين على استعداد للاعتراف ببعض مجالات الخلاف في علاقاتهما الثنائية والعمل على التغلب عليها.
كما يؤكدان أن العلاقة بين الصين والهند "ليست خاضعة لتأثير أي طرف ثالث".
وتنظر بكين إلى قمة منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها منصة لمساعدتها على تحقيق رؤيتها للعلاقات العالمية: عالم يلعب فيه الغرب دور قيادة متراجع، بينما تتقدم الدول غير الغربية للمساعدة في تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب. وتردد صدى رسالة النظام العالمي الجديد الذي يلوح في الأفق، أمس الأربعاء، حيث أقامت بكين عرضا عسكريا ضخما يحيي ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، بحضور العديد من قادة القمة البارزة.
ويعد هذا العرض أكثر من مجرد مناسبة لاستعراض القوة العسكرية الصينية، وهو مصمم لإظهار أن الصين ليست قوة عظمى فحسب، ولكن قوة عظمى متجذرة في العالم النامي.
المصدر: وكالة الانباء الألمانية