'المد الأحمر' في صفاقس: من ظاهرة طبيعية الى كارثة بيئيّة
أطلق بحارة سيدي منصور في الآونة الأخيرة صيحة فزع بسبب تغير لون البحر و نفوق الأسماك، مؤكدين ان ظاهرة 'المد الأحمر' باتت تمثل تهديدا لمورد رزقهم الوحيد، و مطالبين الدولة بالتدخل العاجل لحل هذا الاشكال القديم الجديد
و أكد عدد من البحارة في تصريح للديوان اف ام توقف نشاطهم منذ اكثر من أسبوعين بسبب نفوق الأسماك و تراجع اعدادها في المنطقة بصفة ملحوظة
'المدّ الأحمر' يتجاوز 'الخط الأحمر'
اكدت الدكتورة الباحثة بالمعهد الوطني لعلوم و تكنولوجيا البحار مركز صفاقس أسماء حمزة في تصريح لديوان أف أم أن العينات التي تم اخذها امس الثلاثاء من بحر سيدي منصور اثبتت وجود 3 مليون خلية مجهرية سامة في اللتر الواحد تفرز سموما تتسبب في اختناق الأسماك و نفوقها، واصفة هذا العدد بالكبير خاصة و ان عدد الخلايا لا يجب ان يتجاوز الـ 100 خلية في اللتر الواحد
وشددت الدكتورة أسماء حمزة على متابعة المعهد الوطني لعلوم البحار لهذه الظاهرة منذ اول ظهور لها سنة 1994 في شواطئ صفاقس وقابس، موضحة أن هذه الظاهرة تتمثل في انتشار نوعية من العلق النباتي أو ما يسمى بالخلايا النباتية المجهرية السامة التي تتكاثر بصفة كبيرة في ظل ظروف مناخية معينة حيث يمكن أن يصل عددها إلى مليون خلية في اللتر الواحد
كما اكدت الدكتورة أسماء حمزة ان هذه الظاهرة لا تقتصر على شواطئ سيدي منصور حيث تمت ملاحظتها أيضا بمعتمدية الصخيرة منذ شهر سبتمبر الماضي و بمنطقة 'الخوّالة' الواقعة بين معتمديتي المحرس و الغريّبة في الـ8 من أكتوبر الجاري، و في عدة أماكن من خليج قابس، مشيرة الى ان الظاهرة قد تدوم من شهر سبتمبر و حتى شهر جانفي من كل عام
لماذا اختارت الطحالب السامة سواحل صفاقس؟
و ارجعت الدكتورة أسماء حمزة سبب تكاثر الطحالب المجهرية المسببة في ظاهرة المد الأحمر بسواحل صفاقس الى طبيعة شواطئ الجهة و التي تشبه في شكلها المضيق حيث تنحصر المياه، علاوة على توفرها على عناصر عضوية كثيرة من قبيل الازوت و الفسفاط المتأتيين من مياه الصرف الصحي و تفكك التربة و الانعكاسات السلبية على قاع البحر بسبب الصيد بالكيس...و هي كلها عوامل ملائمة لتكاثر هذه الطحالب السامة و تواترها بشواطئ صفاقسن على حد تعبيرها
وأشارت الباحثة بالمعهد الوطني الوطني لعلوم و تكنولوجيا البحار مركز صفاقس الى انه ما من حل في الوقت الراهن للتصدي لهذه الظاهرة التي تتسبب في نفوق الأسماك و في تغيّر المنظومة البحرية برمتها، مضيفة انه حتى و ان وجدت الحلول فستكون على المدى البعيد و بعد التقليل من حجم تلوث البحر و التلوثات العضوية و حماية قاع البحر بالقضاء على عمليات الصيد بالكيس
فؤاد مبارك
كاتب المقال La rédaction