تونس : بلد الفوسفاط يستورد الفوسفاط !
عرف قطاع الفوسفاط في تونس على امتداد السنوات التي تلت الثورة عديداً من الإشكاليات بسبب الاحتجاجات الاجتماعية في منطقة الحوض المنجمي تسببت في وقف الإنتاج لفترات طويلة على رغم تهديد الحكومة بعسكرة المناجم لحمايتها في أكثر من مناسبة.
تونس تخسر موقعها ضمن أكبر منتجي الفوسفاط في العالم
وكانت تونس رابع أكبر منتج للفوسفاط في العالم، إذ بلغ عام 2010 نحو 8.2 ملايين طن، لكنها تخلت عن هذا المركز وتراجع إنتاجها عام 2016 إلى 2.6 مليون طن، قبل أن يرتفع مجددا إلى 4.5 ملايين طن عام 2017 ، 2.8 مليون طن سنة 2018 و حوالي 4 مليون طن سنة 2019.
وتعتبر منطقة الحوض المنجمي المنتج الرئيسي لهذه الثروة في ولاية قفصة جنوب غربي البلاد وتتكون من 4 مناجم إنتاج أساسية، هي المتلوي والرديف وأم العرايس والمظيلة، فيما يعد منجم المتلوي الأكبر انتاجا للفسفاط بالحوض المنجمي.
شركة فوسفاط قفصة من ممول لميزانية الدولة الى شركة عاجزة
شركة فوسفاط قفصة تحولت بعد الثورة من ممول لميزانية الدولة الى شركة عاجزة وتعاني من مديونية تعمقت أكثر بسبب كثرة الاحتجاجات وايقاف انتاج الفسفاط في أغلب المقاطع.
و أظهرت المؤشرات التقنية لشركة فسفاط قفصة الى حدود نهاية شهر اوت 2020 فارقا سلبيا بـ 54 % بين المنجز والمتوقع على مستوى الاستخراج وفارق سلبي بـ 36 % على مستوى الإنتاج الجملي. ويقدر الإنتاج إلى حدود التاريخ المذكور آنفا بـ 2.4 مليون طن أما بالنسبة إلى الوسق فقد تم نقل 1.8 مليون طن.
و كشف مدير عام المناجم بوزارة الطاقة والمناجم ، بوزيدي ميلودي ، في تصريح إعلامي أن خسائر قطاع الفسفاط في تونس ، وصلت إلى أعلى مستوياتها حيث بلغت بين 2011 إلى موفى سنة 2019 ، ما قدره 2300 مليون دينار.
وقد كشفت نتائج التجارة الخارجية التي ينشرها المعهد الوطني للإحصاء للثمانية أشهر الماضية من العام 2020 عن حجم تراجع في صادرات الفسفاط ومشتقاته بنسبة 62.5 %.
المجمع الكيميائي التونسي ... ''مرغم أخاك لا بطل''
وضعية حتمت على المجمع الكيميائي التونسي وضع خطة تقضي بنشر طلب عروض دولي لتوريد مليون و500 الف طن من الفسفاط بما يتيح تكوين مخزون من الفوسفاط ومواصلة إنتاج الأسمدة الكيميائية بنسق عادي وغير متذبذب.
و تلقت تونس عروضا من سوريا والجزائر ومصر ، و تم التوقف عن استكمال العرض المقدم من مصر ثم تم الغاء العرض المقدم من سوريا بشراء 500 ألف طن والاقتصار على توريد مليون طن من الجزائر.
وتعدّ هذه المرّة الأولى التي تضطرّ فيها تونس إلى توريد الفوسفاط من الخارج بغرض تحويله إلى أسمدة كيميائية منذ أن بدأت في خمسينيات القرن الماضي تصنيع الاسمدة الكيميائية.
أزمة خطيرة يعيش على وقعها قطاع استراتيجي يعتبر ممولا رئيسيا للميزانية
أزمة دفعت بتونس إلى شراء الفسفاط من دول اكتشفته بعدها اذ يعود تاريخ اكتشاف الفسفاط في تونس الى 1885 وفي الجزائر 1894.