هل نحن على أبواب كارثة اقتصادية ؟ الخبراء يجيبون..
من B3 إلى Caa1 وحافظت على التوقعات السلبية.
كما خفضت وكالة موديز التصنيفات غير المضمونة للبنك المركزي التونسي من B3 إلى Caa1.
ما معنى تخفيض الترقيم السيادي ؟
يعتبر الترقيم السيادي أو التصنيف الائتماني تقييما لقدرة أي بلد على الوفاء بالتزاماته المالية الخارجية وقدرته على تسديد ديونه الخارجية، وفق ما أكده الخبير في الشؤون الاقتصادية عز الدين سعيدان في تصريح لديوان أف أم.
وأفاد رئيس مجلس الأعمال التونسي الافريقي أنيس الجزيري بأن تونس صارت، بمقتضى هذا الترقيم، مصنفة بلد ذات خطورة عالية جدا.
وقال الخبير في الشأن الاقتصادي جمال العويديدي أن تونس تعد تقريبا في آخر تصنيف ولم تعد قادرة على تسديد ديونها.
الترقيم متوقع والخبراء يطلقون صيحة فزع..
اعتبر الجزيري أن التخفيض في الترقيم السيادي متوقع منذ التقرير الصادر عن وكالة موديز في فيفري 2021.
ووصف الخبير الاقتصادي معز الجودي قرار وكالة موديز بتخفيض ترقيم تونس السيادي بالكارثي، حسب تدوينة نشرها على صفحته الرسمية.
وقال العويديدي "نحن في كارثة اقتصادية ومنذ 7 سنوات تونس تقترض لتسديد قروضها وهذا ما نبهنا إليه منذ أكثر من ثماني سنوات".
وبلغت قيمة التوريد 30,5 مليار دينار فيما بلغت قيمة التصدير 9,1 مليار دينار
ووصل العجز التجاري إلى 21,3 مليار دينار أي بمعدل 2,4 مليار دينار شهريا.
ولم تتجاوز نسبة تغطية الواردات بالصادرات 30 بالمائة، وفق المصدر ذاته.
وتابع العويديدي "من علامات الفساد بلد يتسول صندوق النقد الدولي على 4 مليار دولار تُصرف على أربع سنوات وله عجز تجاري بقيمة 7,6 مليار دولار في 9 أشهر".
وأشار الخبير إلى تهريب الأموال إلى الخارج وارتفاع فواتير التوريد معتبرا أن ما حدث إجرام في حق الوطن وفي حق الشعب التونسي وفي حق أجياله.
وبيّن سعيدان، من جهته، أنه تمت مراجعة تصنيف تونس نحو الأسفل 10 مرات منذ 2011 مشيرا إلى أن كل تصنيف يقترن بتقرير تحليلي يطرح كيفية المحافظة على الترقيم أو تحسينه.
واعتبر عز الدين سعيدان أن تونس لم تفهم الرسالة منذ 10 سنوات مستنكرا ما وصفه بمحاولات إلصاق هذا التصنيف بقرارات 25 جويلية 2021 قائلا إنها "مغالطة كبرى".
وأوضح الخبير أن الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي في تونس كان في أسوأ حالاته قبل 25 جويلية، حسب رأيه.
ما هي أسباب تراجع التصنيف الائتماني ؟
أرجع الخبير في الاقتصاد أرام بالحاج أسباب تخفيض وكالة موديز ترقيم تونس السيادي مع الابقاء على آفاق سلبية إلى :
*ضعف الحوكمة
*شكوك كبيرة بشأن قدرة الحكومة على تنفيذ التدابير التي من شأنها ضمان التمويلات اللازمة
*مخاطر كبيرة في علاقة بالضغوطات على السيولة وبالتالي شكوك لا بأس بها حول القدرة على سداد الديون
*التأخير الكبير في القيام بالإصلاحات والذي من شأنه أن يؤدي إلى تآكل احتياطيات العملات الأجنبية وتفاقم المخاطر على ميزان المدفوعات
*إمكانية الذهاب نحو سيناريو إعادة هيكلة ديون القطاع العام التي قد يترتب عنها خسائر لا بأس بها لدائني القطاع الخاص
تداعيات هذا التصنيف.. هل دخلت تونس مرحلة الخطر..؟
علّق الخبير في الاقتصاد راضي المدّب على تخفيض وكالة موديز تصنيف تونس للعملة الأجنبية والعملة المحلية على المدى الطويل قائلا "أن وصول تونس إلى الأسواق المالية الدولية أصبح ممنوعا إن لم يكن مستحيلا"، وفق تدوينة نشرها على موقع فيسبوك.
ووصف الخبير في الاقتصاد رضا الشكندالي، في تصريح للديوان اف ام، قرار وكالة موديز بتخفيض ترقيم تونس السيادي بالخطير جدا على الاقتصاد الوطني .
واعتبر شكندالي أن هذا القرار سيزيد من مخاوف الدائنين الدوليين بخصوص استرجاع الديون المتخلدة بذمة الدولة التونسية وعدم قدرتها على الخلاص بالنظر الى ضبابية الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد.
قال عز الدين سعيدان " المؤسسات المالية المقرضة، التي تتعامل مع تونس، ستعتبرها غير جديرة بخلاص ديونها ولن تتعامل معها من جديد وإذا تعاملت معها سيكون ذلك وفق شروط مجحفة ومشطة جدا و تونس ليس لديها القدرة على تحملها".
كما سيؤثر الترقيم السيادي على الاستثمار الأجنبي المباشر فكل مستثمر يعتبر تونس وجهة للاستثمار سيبحث بعد هذا الترقيم عن وجهة أخرى، وفق المصدر ذاته.
وأضاف سعيدان أن التصنيف يمس بالتجارة الخارجية عبر تغيير المعاملات مع المؤسسات العمومية ومؤسسات القطاع الخاص المتخوفة من قدرة تونس على التسديد بالعملة الجنبية بالتالي ستشترط الدفع قبل تقديم البضاعة.
واعتبر الخبير أن هذا الترقيم الجديد يشكل خطرا كبيرا على حسن سير العمليات الاقتصادية مضيفا "إذا لم تتمكن تونس من تسديد جزء من مستحقات الدين الأجنبي ستجبر على إعادة جدولة دينها الخارجي".
"وضع تداين حرج والكارثة على الأبواب.."
اعتبر سعيدان أن تقييم وكالات التصنيف العالمية مهم جدا ويمثل جزءا من الهوية المالية لكل دولة وإذا لم يكن لدى تونس تصنيف سيادي لا يمكنها التعامل مع بقية دول العالم لا من الناحية المالية أو الاستثمارية أو التجارية.
وأشار الخبير إلى أن تونس كانت مصنفة من قبل ثلاث مؤسسات إلا أنها قررت منذ 5 سنوات عدم التعامل مع مؤسسة standard and poor'sلعدم الاتفاق معها على طريقة عملها.
واعتبر سعيدان أن هذا سيئ جدا باعتبار أن المؤسسات المالية والمستثمرين يطلبون التصنيفات الثلاث.
تونس في مرحلة حاسمة وحلول في الأفق..
اعتبر الجزيري أن تونس تعاني من وضعية حرجة ودخلت في مأزق كبير مضيفا أن اقتصاد تونس قادم على أيام صعبة..
فهل من حلول لتجاوز الأزمة؟
دعا سعيدان إلى إنقاذ البلاد والاقتصاد والمالية العمومية عبر تهدئة الوضع السياسي في تونس.
وأكد العويديدي ضرورة تشجيع الإنتاج المحلي بجميع أنواعه مقابل ترشد التوريد.
ودعا العويديدي إلى سحب قانون البنك المركزي سنة 2016 المتعلق باقتراض تونس من البنوك الخاصة بفوائد مرتفعة بعد أن كانت تقترض مباشرة من البنك المرزي دون فوائد.
وطالب الخبير بفتح تحقيق عاجل في الموضوع ومحاسبة من تورط فيما وصفه بالكارثة الوطنية.
ومن الحلول المقترحة، دعا الجزيري إلى العمل وتكاتف الجهود قائلا إن تونس تونس في حاجة إلى العملة الصعبة.
وأشار إلى أهمية تحريك السياحة وطلب الدعم من التونسيين في الخارج مع التقليص في التوريد العشوائي والتركيز على الاستثمارات وتوريد المواد الأولية.
وطالب الجزيري بضرورة إيجاد حل مع الشقيقة ليبيا لتوريد البيترول بسبب ارتفاع أسعاره ومع الجزائر لتوريد الغاز.
يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد وصف، في لقاء جمعه بالمكلف السابق بوزارة الداخلية رضا غرسلاوي، وكالات التصنيف الدولية "بأمك صنافة" مضيفا "ماو لاباس يصنفو فينا."
كاتب المقال سحر بنبلقاسم