معتز القرقوري: الفصل الثالث من مشروع التفويض قد يمثل اشكالا دستوريا
حيث قامت اللجنة بتبويب المجالات المعنية بالتفويض وحصرها في 4 نقاط وهي الميدان المالي والجبائي والثاني للحقوق والحريات والثالث للجانب الصحي والبيئي والتعليمي والثقافي اما الميدان الرابع فهو لتسيير المرافق العمومية والضمانات الأساسية للموظفين.
وأشار القرقوري ان عددا من النقاط التي تضمنها المشروع المصادق عليه لا تدخل تحت سلطة القانون وانما لها اعتبارات لدى السلطة الترتيبية على غرار القيود التي تضبط المجال الصحي أو التراتيب المتعلقة بمجال التعليم.
اما في خصوص التنقيحات الواردة في الفصل الثاني من هذا المشروع فتتمثل في تغيير مدة التفويض من شهرين الى شهر واحد.
كما اعتبر معتز القرقوري ان الفصل الثالث من هذا المشروع قد يمثل اشكالا في الفترة القادمة باعتباره ينص على امكانية الطعن في دستورية المراسيم طبقا لإجراءات القانون الأساسي المتعلق بالهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وهو ما يطرح تساؤلا حول تاريخ الطعن ان كان قبل المصادقة على المراسيم ام بعده مشيرا الى فرضية قد يتم طرحها لاحقا حول الهيئة واختصاصها للنظر في المراسيم
كما اكد القرقوري ان الجلسة العامة ستناقش الشكل القانوني للمراسيم و واختصاص الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بالنظر الى الغموض الحاصل خاصة في الفصل الثالث لاجتناب الإشكاليات القانونية والدستورية التي قد تطرح مستقبلا في علاقة السلطة التشريعية برئاسة الحكومة.
من جهته ندد العميد السابق لكلية الحقوق بصفاقس ناجي البكوش بالتنقيحات المدخلة على مشروع قانون التفويض لرئيس الحكومة في اصدار المراسيم من قبل لجنة النظام الداخلي بالبرلمان معتبرا وجود خروقات ارتكبتها اللجنة المذكورة ، وفق ما أورده في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك.
وفي ما يلي نص التدوينة :
'لست من الساعين لنقد أو انتقاد المؤسسات والمشرّع عن طريق وسائل الإعلام التي أُجلّ دورها أو عن طريق التواصل الاجتماعي خاصة في هذا الظرف الصعب الذي نحتاج فيه للتآزر.
ولكن اطلاعي على مشروع القانون الذي أقرّته لجنة النظام الداخلي والمتعلق بالتفويض لرئيس الحكومة باتخاذ مراسيم عملا بالفصل 70 من الدستور يدفعني للتنديد الشديد بما عمدت إليه اللجنة من تقويض لمشروع قانون كان بالإمكان أن يكون أفضل من حيث صيغته المقدمة .
وقد كان من الأجدر أن يقتصر المشروع الحكومي على تحديد "الغرض المعين" لا غير دون سرد قائمة مجالات فتحت المجال للمناورات من قبل النواب في الوقت الذي تجابه البلاد مخاطر الوباء وتبعاته الاقتصادية والاجتماعية.
وأدخلت اللجنة البرلمانية تعديلات جوهرية وكأنها لا تعرف مآل التغييرات الجوهرية المدخلة على مشاريع القوانين وفقا لفقه القضاء الدستوري عندنا منذ سنة 2015.
وسمحت اللجنة لنفسها صياغة إجراءات وشروط لتقييد صلاحية سن المراسيم (الفصل 2) وهو ليس من متعلقاتها. فهذه من قبيل الأحكام الدستورية إذ كان بإمكان الدستور أن يضع أحكاما من هذا القبيل. وأما البرلمان فمن حقه أن يمنح أو لا يمنح ولكن ليس له أن يعمد لصياغة إجراءات التشريع ضمن قانون تفويض. له حق تدقيق غرض التفويض لا غير.
كما سمحت اللجنة لنفسها صلب نص ظرفي بسن قواعد لا يمكن أن تكون إلا صلب النظام الداخلي للمجلس (الفقرة الثالثة من الفصل الثاني) في خرق للفصل 52 من الدستور. خرق من طرف "لجنة النظام الداخلي" ....
وأكثر من ذلك سمحت اللجنة البرلمانية لنفسها أن تضيف فصلا يقر بإخضاع المراسيم لمراقبة الهيئة الوقتية لمراقبة مشاريع القوانين وذلك في خرق فضيع للفصل 148 الفقرة 7 من الدستور الذي يحصر دور الهيئة- وكما يدل عليها اسمها- في مراقبة مشاريع القوانين لا غير. عندما تأتي المراسيم للمجلس قصد المصادقة عليها أو رفضها أو تعديلها، عندها يتدخل القاضي الدستوري المؤقت قبل ختم مشاريع القوانين.
ولا فائدة في التأكيد على خلط في المفاهيم عند الاشارة للموظفين وتغافل النص عن أعوان المنشآت العمومية وعدم حرفية في كتابة النص.
ولكن ما تضمنته وثيقة اللجنة تقويض للمشروع وليس تفويض لا مبرر له لأن الكلمة ستعود للمجلس الذي سيحاسب الحكومة إن انحرفت بالتفويض عن هدفه. ثم لننظر ماذا يحدث في بلدان ديمقراطية التي لا تتحرّج في التفويض للتشريع بمراسيم.
أنا أعلم أن الحسابات السياسية تدفع بأصحابها لارتكاب سلوكيات غريبة بالنسبة لغير ممتهني السياسة. لكن ما أقدمت عليه اللجنة البرلمانية يعتبر من قبيل المغامرة التي تتجاهل مصلحة البلاد خاصة وأن تونس تواجه خطر الوباء وخطر التوتر الاجتماعي بسبب الأحوال المعيشية لشرائح عريضة من الناس. أقولها صراحة - وأنا مستقر داخل البلاد وبعيد عن الحكومة التي ليس لي أي علاقة بها : أنه تلاعب بمصالح البلاد التي أصبحت رهينة بين أيدي يصعب عليك تصديق أنها أمينة' .