فحوى بيان تونس أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة

وعبرت تونس في كلمتها، التي ألقاها وزير الشؤون الخارجية والهجرة والمواطنين بالخارج محمد علي النفطي، في إطار مشاركته في النقاش العام تحت شعار "معًا أفضل: ثمانون عامًا وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان"، عن ِخيبة الْأَمل وَالْإِحْبَاطِ أَمَام عجزِ مجلسِ الْأَمْنِ عن وضعِ حَدٍّ لِلْمَأْساة الإنسانية الفظيعة وَحربِ الْإِبادة وَالتَّجوِيعِ الَّتِي يَتَعرَّضُ إِلَيْهَا الشَّعْب الْفَلَسْطِينِيّ الصَّامِد، وفق بلاغ صادر اليوم الأحد عن وزارة الخارجية.
وجددت التزامها بمُواصَلَةِ نُصْرَةِ الشَّعْبِ الفلسطينيِّ في نِضالِهِ لاستِرْدادِ حقوقِهِ المَشْرُوعَةِ غيرِ القابِلَةِ للتَّصَرُّفِ والتي لن تَسقُطَ بالتَّقادُمِ، وفي مُقَدِّمَتِها حقَّهُ في تقريرِ المصيرِ وإقامَةِ دولتِهِ المُستَقِلَّةِ ذاتِ السيادَةِ على كُلِّ أرضِ فِلَسطينْ وعاصِمَتُها القُدْس الشَّرِيفْ، منددة بإِعْلَانَ الْكِيانِ الْمُحْتَلِّ عَنْ نِيَّتِهِ فِي إِعَادَةِ إحْتِلَالِ قِطَاعِ غَزَّةَ بالكاملِ وَدَفْعِ الشَّعْبِ الْفِلَسْطِينِيِّ إِلَى التَّخلِّي عَنْ أَرْضِهِ.
كما ثمنت في السياق ذاته، موجة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين الذي فاق 150 دولة، مذكرة بأن فلسطين دولة بمقتضى القانون الدولي وأن هذا الإعتراف لا ينشئ هذا الحق بل يظهره ويدعمه، داعية مجلس الأمنِ، إلى التَدخُّل العاجل لوقفِ الانتهاكات المُتكرّرة التي طالَتْ عددًا من دُوَلِ المِنْطَقَةِ وهي سُورِيَا ولبنانَ وإيرانَ وأخيرًا قطر.
من جهة أخرى، عبرت تونس عن دعمها مبادرة الأمين العام لِمُنَظَّمة الْأُمَمِ الْمُتَّحِدة "الْأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ ثَمَانِينْ" لِإِصْلَاح وتطوِير عمل المنظمة الأممية، الهادفة الى إعادة الِاعتبار للشَّرعيَّة الدُّوَلِيّة وتجديد الثّقة في العمل متعدّد الْأطراف، مجددة تَمسّكها بِالْمَسْؤُولِيَّة الْمُشْتركةِ فِي مُجَابهَةِ التَّغَيُّرَاتِ الْمُتسارعة وَالتَّحَدِّياتِ الَّتِي يشْهدُها العالم، وهو ما يؤكده وَضْعَ سَنَةِ 2025 تَحْتَ شعارِ "سَنة تعزِيز الْعمل مُتعدِّد الْأطراف وَتدْعيم التَّعاوُن مع مُنظَّمةِ الْأُمَم الْمُتّحدة".
وأبرزت ضرورة إعادةِ بناءِ العلاقاتِ الدُّوَلِيَّةِ على أُسس التَّضامن والتَّعاوُن البنَّاءِ والعدْل والاحترامِ المُتَبادَلِ، وعدمِ التَّدَخُّلِ في شُؤونِ الغَيْرِ واحترامِ السيادَةِ الوطنيَّة، داعية الى إصلاحٍ شامل وعميق لمنظومَةِ التَّمويلِ الدُّوَلِيَّةِ ومُؤسَّساتِها، من خلالِ وَضْعِ آليّاتٍ مُبْتَكَرةٍ لتمويلها.
في سياق آخر، أكدت تُونس في كلمتها، عن تمسكها بقِيَمِ حقوقِ الإنسانِ والحُرِّيَّاتِ العامَّةِ والفَردِيَّةِ، واحترامِ سيادتها الوطنيَّة واستقلالِ قرارها وخيارات شعبها، ودعمها لمشَارَكة الشَّبَابِ والمرأة في صياغة السِّيّاسَاتِ وَفي دوائر صُنْع القرار، وَضمان تكافُئ الفرص ومُكافحة جميع أشكال العُنف والتّمييز، مبرزة أهمِّيَّةِ مُواصَلَةِ الجُهودِ لاستِعَادَةِ الأموال والأُصول المَنهوبة والمُهَرَّبةِ إلى الخارج، باعتباره حقّا سياديا لا يسقطُ أبدًا.
كما تطرقت الى مقاربتها في التَّعاطِي مع تَدَفُّقات الهجرة غير النظامية، التي تقومُ على احترامِ حقوقِ الإنسانِ في مَفهومِها الشَّامِلِ ورَفْضِ كُلِّ أشكالِ التَّمييزِ العِرْقِيِّ وخِطابِ الكَراهِيَةِ، ورفضها القاطِعَ أنْ تكونَ دولةَ عبورٍ أو أرضَ إقامَةٍ للمُهاجِرِينَ غيرِ النِّظامِيِّينَ، ضَحايا شَبَكاتِ الاتِّجارِ بالبَشَرِ، مؤكدة ضرورة إبقاء الهجرة خيارا وليس ضرورة، باعتبار أن الهجرة المنظمة تمكن من خلق الثروة وفرص الشغل الكريم وصون الكرامة الإنسانية وتشكل رافعة للتنمية والتقارب الثقافي بين الشعوب.
من ناحية أخرى، ذكّرت تُونِس بموقفها الثَّابت والمبْدِئيّ الدَّاعم للخيارات الحرَّة للشعب اللِّيبِيّ، صاحب السيادة، مشددة على أنّ الحَلّ لَا يمكنُ أنْ يكُون إلَّا ليبيًّا. كما دعت الى ضرُورة المحافظة على سيادة سُوريا واستقلالها ووحدتها التّرابِيَة، ورفض أيّ انتهاكات لسلامة أراضيهَا، فضلا عن ضرورة تضافُر الجُهود الأمميَّة والدَّولِيَّة لِإيجاد حلٍّ سيّاسِيّ للوضع في اليمن، ودعوة الأطراف السّودانِيَّة إِلى الِاحتكام إِلى الحِوار والطُّرق السَلميّة لتجاوز الأزمة.
ودعت كذلك إلى مساعدة إفريقِيا على مُواجهة مختلف التحدّيات والتَخلُّص من الأزمات، ودفع مسارات إعادة الاستقرار وتحقيق الأمن والسَلم والتنمية في إطار مُقاربةٍ تشارُكيَّة تضع على سلّم أولوِيَّاتِهَا أمن إفرِيقيا واستقرارها.
وختمت تونس كلمتها، بتأكيد التزامها بثقافة السّلام كخيارٍ اسْترَاتيجيّ ومبدأ ثابت في سياستها الخارِجية، ومواصلة انخراطها الفاعل في كُلّ المُبادرات الرّامِية إِلى تحقيق الأَمْن وَالاسْتقرار لكافّة شُعُوب المنطقة والعالم، مذكرة بتنظيمها المؤتمر الدَّوليّ حول "دور القوّات المسلّحة في حماية المدنيّين في عمليّات حفظ السّلام"، بالتَّعاوُن مع إدارة الأُمم المُتّحدة لعمليات السّلام يومي 10 و11 جويلية 2025.