الأكثر مشاهدة

21 12:17 2024 نوفمبر

علمت ديوان أف أم من مصادرها المطلعة ان الهيئة المديرة للنادي الإفريقي اتمّت بنجاح التعاقد مع اللاعب الغاني 'ريشارد بوادو' في صفقة انتقال حر، في إنتظار الإعلان الرسمي خلال فترة الإنتقالات الشتوية.

على المباشر

وطنية

تونس: تغييب حق الموقوف في "الفحص الطبي" يقتل

:تحديث 27 11:41 2022 أكتوبر
تونس: تغييب حق الموقوف في "الفحص الطبي" يقتل
تحرير بهيرة عوجي/تنشر إذاعة الديوان أف أم هذا التقرير بالشراكة مع الشبكة العربية "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية"(أريج)

قرابة سنة ونصف السنة مرت على وفاة عبد السلام الزيان.. شاب ثلاثيني من ولاية صفاقس تم إيقافه يوم 28 فبراير (شباط) 2021 من قبل دورية أمنية بولاية صفاقس رفقة شقيقه على خلفية عدم احترام مقتضيات حظر التجوال والانتقاص من احترام موظف حكومي بالقول والتهديد خلال أدائه وظيفته وفق محاضر التحقيق.

عبد السلام الزيان

التسلسل الزمني لحادثة وفاة عبد السلام الزيان

وفاة الشاب عبد السلام الزيان كانت ناتجة عن مضاعفات حادة لمرض السكري كنتيجة حتمية لعدم تحصله على دواء الأنسولين لمدة يومين متتاليين خلال إيقافه وإيداعه السجن المدني بصفاقس، فالضحية يشكو من مرض السكري الذي يتطلب المعالجة بالأنسولين بمعدل ثلاث حقن يوميّاً مع حبوب دواء "جانوفيا 100"، وفق ما ورد في تقرير الطب الشرعي الصادر بتاريخ 4 يونيو (حزيران) 2021.

وتابع التقرير: ''في هذه الحالة، كان يستوجب على مرافقي الزيان إبقاؤه في قسم الاستعجالي وإجراء جميع التحاليل المطلوبة وإطلاع الطبيب الذي طلبها على نتائجها وعدم المغادرة إلا بعد أن يسمح الطبيب بذلك، والتعرف على نسبة السكر في الدم، وبالتالي معرفة وجود مضاعفات حادة من عدمه''. 

عبد السلام

مقتطف من تقرير الطب الشرعي

توفي رغم النداءات المتكررة لإنقاذه

قالت والدة الضحية عبد السلام زيان، دلندة قصارة، إن ابنها قتل عمداً، نتيجة عدم استجابة رجال الأمن لطلب محاميته بتمكينه من جرعات الأنسولين، ما أدى إلى تدهور وضعه الصحي، فأصبح في حالة حرجة جدّاً، وهذا ما أثبته تقرير الطب الشرعي، مضيفة أنها أرسلت حُقن أنسولين لمركز إيقافه، غير أن رجال الشرطة لم يقوموا بتسليمها له، وقالت إن ابنها الثاني "وائل" الذي كان موقوفاً أيضاً مع شقيقه، أعلم الشرطة بتدهور الحالة الصحية لعبد السلام داخل مركز الإيقاف، لكنّهم تجاهلوا نداءه، وهو ما زاد وضعه الصحّي سوءاً.

وفي متابعة لمسار القضية، أكد الناطق الرسمي باسم محاكم ولاية صفاقس، القاضي مراد التركي لإذاعة "الديوان أف أم"، أنه تم توجيه التهم في هذه القضية لـ14 شخصاً، من بينهم 3 أطباء وعامل في الرعاية الطبية، والبقية من 

أعوان أمن وأعوان سجون وإصلاح، وتم التحقيق معهم وتوجيه تهم لهم تتمثل في جريمة القتل عن غير عمد نتيجة القصور وعدم الاحتياط والإهمال وعدم التنبه طبقاً للفصل 217 من المجلة الجزائية بتونس، وجريمة القيام عن عمد ولكن من دون قصد القتل مباشرات عليه (أي القيام بإجراءات) ونتج عن ذلك الموت طبقاً للفصل 215  من المجلة الجزائية وجريمة الامتناع عن محظور (أي عدم مساعدة شخص في حالة خطر أو نجدته) طبقاً لقانون 3 الصادر في يونيو (حزيران) سنة 1966.

وأكد القاضي التركي أن العقوبات التي تنتظر المتهمين  تترواح بين غرامات مالية وعقوبات سجنية تصلها إحداها إلى السجن مدى الحياة.

هذه الحادثة فتحت الباب أمام عدة تساؤلات: هل الحق في الفحص الطبي في مراكز الإيقاف مطبق بصفة كاملة مثلما ورد في قانون الإيقاف بتونس رقم 5 للعام 2016؟ وكيف يتم الفحص الطبي؟ وماهي آلياته؟ وكيف يتم التعامل مع حقوق الموقوفين؟ خاصة أن حادثة الشاب عبد السلام الزيان ليست الأولى في تونس.

نقطة مفصلية في عملية الفحص الطبي أثناء الإيقاف

اعتبر الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني في تصريح لإذاعة "الديوان أف أم" أن حادثة وفاة الشاب عبد السلام الزيان تدخل في خانة الإهمال الطبي وتؤشر لوضعية مفصلية في عملية الإيقاف التي تنص على ضرورة وجود الفحص الطبي والرعاية الطبية، باعتبار أن هناك موقوفين يعانون من أمراض مزمنة، مثل السكري وضغط الدم، ويمكن أن تسوء حالتهم الصحية أثناء مرحلة الإيقاف، فضلاً عن عدم تناولهم للدواء في الوقت المناسب، ما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

 

ماذا يقول القانون رقم 5 للعام 2016؟

يفصل القانون التونسي عمل الجهات التي تناط بها عملية الإيقاف في مجلة الإجراءات الجزائية، وذلك بتحديد إجراءات الاحتفاظ وضبط ضمانات الاحتفاظ، وأضاف المشرع التونسي من خلال تعديل 2016 جملة من الضمانات للمحتفظ بهم تنقسم إلى ضمانات شكلية  وأخرى موضوعية .

وفيما يتعلق بنقطة الرعاية الطبية للموقوف نص القانون المعدل المتعلق بالاحتفاظ في تونس بتاريخ  16 فبراير (شباط) 2016  في الفصل 13 على  طلب العرض على الفحص الطبّي ووجوبية الفحص الطبي، حيث "يمكن للمحتفظ به أو لمحاميه أو لأحد الأشخاص أن يطلب من وكيل الجمهورية أو من مأموري الضابطة العدلية خلال مدة الاحتفاظ، أو عند انقضائها، إجراء فحص طبي على الموقوف. ويتعين في هذه الحالة تسخير طبيب للغرض لإجراء الفحص الطبي المطلوب حالاً".

ومن الأفضل أن يتم عرض المحتفظ به على الفحص الطبّي وجوباً قبل الاحتفاظ ثمّ أثناءه، وأخيراً بعد انتهاء المدّة، إذ يمكن أن يحصل التّعذيب في اليوم الأوّل ثمّ يقع التّخلّص من الآثار النّاجمة عنه في غضون الأيام التالية،  وذلك لتكريس مبدأ ضمان حقوق الإنسان للمحتفظ بهم، حسب قراءة الخبير القانوني جابر الغنيمي للقانون.

القانون الحق في إجراء فحص طبي دون تفصيله أو تبيين إجراءاته

وإن كان البرلمان التونسي المنحل قد اعتمد قانوناً وصف بالتاريخي يضمن جملة من حقوق الموقوفين ليمثل  خطوة في اتجاه الوقاية من التعذيب والاعترافات القسرية وغيرها من الانتهاكات الأخرى، إلا أنه ما زال يعاني  من عدم تطبيقه بشكل كامل، وهذا ما أكده القاضي التركي، الذي اعتبر أن هناك خللاً في  تطبيق الحقوق الواردة بالقانون الصادر عام  2016، مرجعاً ذلك إلى غياب الإمكانيات في إعادة تهيئة غرف الإيقاف على النحو الذي ينسجم مع القانون. 

 

من جانبه، أوضح  المحامي غسان الغريبي في تصريح لإذاعة "الديوان أف أم" أن القانون رقم 5 لم ينص على آليات الفحص الطبي، مشدداً على ضرورة توفير مكان للفحص الطبي وتسخير طبيب يكون حاضراً في مراكز الإيقاف للقيام بفحص طبي شامل.

وبين الغريبي أن هذا الفحص سيمكن من توفير المعلومات حول الوضع الصحي للموقوف، وسيمكن أيضاً من ضمان سلامته، ويضمن عدم تردي حالته الصحية لاحقاً .

 

الأمر ذاته أكده الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني، حيث قال إن تطبيق الحق في الفحص الطبي وفق نص القانون رقم 5 شهد عدة نواقص، مرجعاً ذلك إلى غياب غرف مهيأة في مراكز وأقاليم  الأمن خاصة بعملية الفحص الطبي، وافتقارها لأطباء متفرغين لهذه المهمة أو أطباء يعملون بالتداول لفحص الموقوفين. 

وبين الشارني أن هناك نقصاً كبيراً في عدد الأطباء الذين يعملون بالسجون المدنية بتونس مقارنة بالمعدل السنوي للنزلاء الذين يدخلون إلى السجون ويخرجون منها، الذي يقدر بحوالي 50 ألفاً .

وقال الشارني إنه من المفروض أن تكون هناك مركبات صحية داخل السجون التونسية، خاصة في المدن الكبرى، والتزام الدولة التزاماً تامّاً بتدعيم الحق في الصحة، لأن الإنسان مهما كان خطؤه، لا بد أن ترعاه الدولة وتمكنه من التمتع بحقوقه، على حد تعبيره.

 

غياب ثقافة الفحص الطبي في المؤسسات الأمنية ومصلحة السجون  

ويبين الشارني أن عدداً من أعوان الأمن والشرطة ليست لديهم دراية كافية فيما يتعلق بموضوع الرعاية الصحية وحق الموقوفين في الفحص الطبي، وهو ما يؤدي إلى حوادث تؤدي إلى حالات وفاة. 

 

كما أكد المحامي الغريبي أن عدداً من أعوان الأمن وأعوان السجون لا يولون أهمية لمسألة الفحص الطبي ولا يحرصون على الاستفسار حول وضعية الموقوفين الصحية والنفسية، مبيناً أنه عاين عديد التجاوزات في هذه المسألة.

 

الإيقاف في تونس بين المعايير الدولية والواقع 

أثارت واقعة وفاة الشاب عبد السلام زيان موجة من الاحتجاجات واستنكار عدد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية والمدنية التي طالبت السلطات المسؤولة بمحاسبة الجناة والحد من الانتهاكات المسلطة على عدد من الموقوفين بالسجون المدنية بتونس ومراكز الأمن. وهي حادثة فتحت الباب على ظروف الإيقاف التحفظي في مراكز الأمن والسجون المدنية بتونس، حيث أكد رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع صفاقس الجنوبية نعمان مزيد أن الرابطة وثقت ممارسات سيئة لعدد من أعوان الأمن على الموقوفين في مراكز الشرطة، وهذه الممارسات أثبتت تجاوزات خطيرة للقانون المعدل المتعلق بالموقوفين في تونس، مبيناً أن هذه التجاوزات ليس لها أي مبرر من قبيل عدم إعلام الموقوف بحقوقه، منها أساساً حقه في طلب محامٍ أو أن يتم استنطاقه قبل حضور المحامي، فضلاً عن سوء المعاملة وتعرضه إلى اعتداء لفظي واعتداء جسدي.

وأكد مزيد أن هناك تلاعباً بالقانون في عدد من مراكز الأمن وعدم الاستجابة للفحص الطبي وإعلام الموقوف  بحقه في الصحة النفسية والجسدية، إلى جانب انعدام شروط الإقامة اللائقة بكرامة الإنسان والضغط المسلط عليه، ما يؤدي إلى الإدلاء باعترافات تحت الضغط، وكذلك تأخر الإجراءات، ما يؤدي إلى تجاوز آجال البت فيها المحدد بمهلة زمنية كما ينص القانون.

وزارتا الداخلية والعدل تفضّلان عدم التعليق  

اتصلت بالمكلف بالإعلام بوزارة الداخلية التونسية طمعاً بتعليق الجهات الرسمية وحقها في الرد على ما جاء في التقرير، وبعد جهد كبير، أبلغنا بضرورة الاتصال بمصلحة السجون التابعة لوزارة العدل. وتواصلت مع  المكلف بالإعلام  بوزارة العدل وأعلمته بموضوع التقرير في مطلع يوليو (تموز) 2022، حيث طلب مني إرسال رسالة إلكترونية و"فاكس" حول الغرض من المقابلة، وكل ذلك تم إرساله في 19 يوليو (تموز) 2022، وإلى اليوم لم يصلني أي رد بعد.

حادثة عبد السلام الزيان  ليست الأولى...

أكد الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب منذر الشارني أن حالة وفاة عبد السلام الزيان ليست الأولى في تونس، مستعرضاً بعض الأمثلة في تصريح لـ"الديوان أف أم"، حيث أشار إلى تسجيل حالة وفاة لشاب من منطقة سيدي حسين السيجومي بتونس العاصمة يدعى أحمد بن عمارة في مطلع 2021، نتيجة تعرضه للعنف واتهام  4 رجال أمن في القضية، إلى جانب وفاة  الشاب شكري مفتاح من منطقة الميدة من ولاية نابل التونسية في مطلع 2022، حيث تعرض للعنف المفرط من قبل أعوان الأمن أثناء إيقافه، ما أدى إلى دخوله المستشفى وبقائه مدة شهرين قبل أن يفارق الحياة نتيجة الإصابات البليغة التي تعرض لها، وتم إصدار محضر جلب بحق أحد رجال الحرس الوطني وتم توجيه تهمة الاعتداء ضده. 

الشارني شدد على أن حالات الوفاة المشتبه في وقوعها بمراكز الأمن تحوم حولها عادة شبهة التعذيب والعنف، وهو ما يتطلب إجراء تحقيقات وأبحاث عميقة وجدية وسريعة على كافة المستويات والبحث أيضاً في دقة التقارير الطبية في تحديد أسباب الوفيات في كل الحالات. 

ودعا الشارني الدولة إلى التحرك للتصدي لمسألة الإفلات من العقاب ومحاسبة الأعوان الذين يعتدون على النزلاء أو الموقوفين بصفة متعمدة وينتهكون حقوقهم حتى لا يفتح الباب أمام تواصل التجاوزات وتنامي الاعتداءات، خاصة على سجين أو محتفظ به في وضعية ضعف وهشاشة، وفق وصفه.

 

حلول تستوجب التنفيذ

اقترح رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع صفاقس نعمان مزيد حلولاً قانونية، من بينها زيادة  تحصين فترة التحقيق المبدئي وتحديد آجالها حتى لا تطول المدة ويزيد احتمال تعرض الموقوف إلى اعتداءات لفظية وجسدية، فضلاً عن ضرورة حضور المحامي في كل المراحل ليكون شاهداً على عملية استنطاق الموقوف، بالإضافة إلى تطوير برامج تدريب الأعوان المكلفين باستجواب الموقوفين لتجنب حدوث انتهاكات.

 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالتعاون مع شريكتها DIGNITY، دعت إلى وضع إستراتيجية دعم تنفيذ مناصرة القانون رقم 5 والضمانات التي يوفرها وتفعيلها، لا سيما ما يتعلق منها بالفحص الطبي، مشيرة إلى أن الفحص الطبي هو جزء من ضمان المحاكمة العادلة. 

وفاة الشاب عبد السلام زيان بسبب انتهاك حقوقه كموقوف أو بسبب إهمال القوى الأمنية أو ضعف الإمكانيات، لا تقلل من أهمية أن ما تثبته تقارير الطب الشرعي في أغلب الأحيان بأن حالات الوفاة المسجلة في بعض مراكز الإيقاف بتونس ناتجة عن تعنيف أيضاً وإهمال طبي أو تعذيب. ويظهر ذلك أن مسار المحاسبة والحد من الإفلات من العقاب ما زال متعثراً في تونس، وهذا ما يتطلب خططاً للإصلاح والتطوير في مراكز الأمن ومصالح السجون بتونس، حتى تبرهن تلك المؤسسات عن شفافيتها والتزامها بالمعاهدات الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، فالحق في الحياة أساسي لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ويضمن احترامه من السلطات كافة حتى لا يفقد أحد حياته تعسفاً.

 

كاتب المقال La rédaction

كلمات مفتاح

آخر الأخبار

منذ ساعة

أعلنت الجامعة العامة للنقل عن تنظيم وقفة احتجاجية يوم الاثنين 25 نوفمبر 2024، انطلاقًا من الساعة منتصف النهار أمام مقر الإدارة العامة لشركة نقل تونس

منذ ساعتين

جد مساء اليوم الجمعة حادث انقلاب سيارتين وانزلاق أخرى بطريق بورقبة العطار على مستوى المرناقية، مما أسفر عن حالة وفاة على عين المكان، واصابة خمسة اخرين من بينهم أطفال اصابات متفاوتة ، وفق تأكيد مصالح الإدارة الجهوية للحماية المدنية بمنوبة

منذ ساعتين

اطّلع رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، ظهر هذا اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 بقصر قرطاج، خالد السهيلي، وزير الدفاع الوطني، على تقدّم تنفيذ عدد من المشاريع التي تتولى الهندسة العسكرية الإشراف عليها