الذهب الأخضر بصفاقس: بين الاصناف التونسية والأجنبية...أين تكمن الجودة؟
هذه الصابة القياسية أدت إلى تدني أسعار الزيتون بالبلاد مقابل ارتفاع كلفة الانتاج حسب ما أكده أحد فلاحة ولاية صفاقس.
تعد صفاقس من أكبر الجهات المنتجة لزيت الزيتون والزيتون بفضل عديد العوامل ومن بينها تنوع أصناف الزيتون المغروسة وهو ما دفع إلى الاهتمام بهذا الموضوع للتعرف على مردودية مشاتل الزيتون المحلية والاجنبية من حيث الجودة والانتاج.
معهد الزيتونة بصفاقس كشف في دراسة له حول الموضوع أن مردوديّة أصناف الزيتون المحليّة أفضل من الأصناف المستوردة من حيث الإنتاج والجودة وهذا ما يفسر النتائج التي وصلت إليها آخر الدراسات بالعالم والتي صنفت الزيت المستخرج من زيتون الشملالي من بين 100 أجود زيت زيتون بالعالم وفق تصريح الدكتورة والباحثة في العلوم الفلاحية ألفة اللومي حيث أنه تحصل على المراتب الأولى وميداليات ذهبية في مسابقات خاصة بجودة زيت الزيتون تم تنظيمها في أكثر من دولة ،كما حصد زيت الزيتون التونسي مؤخرا 26 ميدالية من بينها 8 ميداليات ذهبية في مسابقة دولية بلوس أنجلس والتي تعد أهم مسابقة خاصة بزيت الزيتون في الولايات المتحدة الأمريكية.
1-موروث جيني للزياتين التونسية غني جدا
يتساءل الكثير عن أنواع مشاتل الزيتون المتواجدة في تونس المحلية منها والمستوردة فحسب الدكتورة والباحثة في العلوم الفلاحية ألفة اللومي أكدت في تصريح أدلت به للديوان أف أم أن زراعة شجر الزيتون أو كما تسمى في تونس الشجرة المباركة تعتبر من أهم الزراعات في تونس...فالبلاد التونسية تتميز بموروث جيني غني جدا للزياتين يعد بالمائات خاصة بولايات الجنوب إضافة إلى الجودة العالية التي تتميز بها أغلب أصناف الزيتون.
وبالإضافة إلى موقعها الحضاري والتاريخي فلشجرة الزيتون دور مهم في تنشيط الدورة الاقتصادية بالبلاد بإعتبار تونس من بين أهم الدول المنتجة لزيت الزيتون في العالم.
وتنقسم أنواع الزيتون إلى صنفين أساسيين صنف لإنتاج الزيت والثاني لاستهلاكه كحبات والمعروف بزيتون الطاولة وعلى الرغم من ثراء التنوع الجيني في تونس هناك ثلاثة أصناف محلية هي الأكثر زراعة وهي:
الشملالي : هو الصنف الاكثر انتشارا في الوسط والجنوب التونسي (ما يقرب من 60 بالمائة من الزياتين) يتميز بتأقلمه الجيد مع بيئات مختلفة كما أنه يساهم بنسبة عالية في الإنتاج الوطني للزيت
الشتوي : هو ثاني أكثر الأصناف تداولا في تونس (ويحتل 30 بالمائة من مساحة زراعة الزيتون في البلاد) ويتواجد في أغلب مناطق الشمال والشمال الغربي ويمتاز بحجم متوسّط وبنوعيّة زيت ممتازة
المسكي : هو الصنف الرئيسي من زيتون الطاولة في تونس ويمثل أكثر من 60٪ من عدد أشجار زيتون الطاولة
وهناك أيضًا ما يسمى بالأصناف الثانوية للزيتون المزروعة في مناطق محدودة وهي ايضا تمثل بعض الولايات التونسية، مثل : "الوسلاتي" في منطقة القيروان ، "شمشالي قفصة" في منطقة قفصة ، "زالماتي" و "زرازي" في منطقة مدنين "الجربوعي" في منطقة باجة والتفاحي في منطقة تطاوين...
2-أين يكمن الفرق بين مشاتل الزيتون المحلية والأجنبية من حيث الإنتاج والجودة ؟
اللجوء إلى غراسة مشاتل زيتون أجنبية يطرح تساؤلا حول الفرق بين مشاتل الزيتون الموجودة في تونس ''المحلية والمستوردة'' على مستوى المردودية والجودة.
فعلى اثر دخول الأصناف الأجنبية إلى تونس قام معهد الزيتونة بغراسة ضيعة زيتون نموذجية بولاية صفاقس تحتوي على 4 اصناف محلية و2 اصناف أجنبية وذلك بهدف المقارنة بين مؤهلاتها الزراعية في النمط المروي.
وقد كشفت الدراسة ان مؤهلات هذه الاصناف مختلفة من حيث المردوديّة وجودة الزيت المستخرجة من كل صنف حيث ثبت أن الصنف ''شملالي صفاقس'' هو الأكثر إنتاجا من حيث الكم مقارنة بأصناف الزيتون الأخرى ومن ثم ''الكورنيكي'' أما الوسلاتي والشتوي وشمشالي قفصة والاربكوينا فهي تعتبر متوسطة الإنتاج بجهة صفاقس.
أما من حيث كميات الزيت المستخرجة (بلغة الفلاح القطوع) فمن أبرز الأصناف التي تنتج زيت زيتون هي صنف شمشالي قفصة ومن ثم الوسلاتي وفق تصريحات الباحثة بمعهد الزيتونة ألفة اللومي.
وحول المشاتل الأجنبية قالت اللومي إن هذه الأصناف تم توريدها دون دراسات مسبقة خاصة بمردودها من حيث الإنتاج وجودة زيتها عند غراستها بالضيعات التونسية مشيرة إلى أن النتائج التي تم تقديمها للفلاحة عند توريد هذه المشاتل كانت على ضيعات أجنبية ومناخ مختلف عن المناخ الذي يميز البلاد التونسية وهو ما يفسر ضعف إنتاجها وجودتها مقارنة بجودة ومردود الأصناف التونسية.
هذا وقد أثبتت أيضا نتائج الدراسة ذاتها أن زيت الزيتون المستخرج من الصنف الأجنبي ''الاربكوينا'' المغروس بالجنوب والوسط التونسي ضعيف من حيث الجودة مقارنة بشملالي صفاقس.
3-هل تهدد مشاتل الزيتون الأجنبية مشاتل الزيتون المحلية؟
رغم وجود هذا التنوع الجيني الكبير فقد وقع التوجه إلى استيراد بعض الاصناف من الزيتون منذ حوالي 20 سنة وحسب الباحثة ألفة اللومي هناك 3 أصناف زيتون أجنبية الاكثر غراسه في تونس وهي : "الاربكوينا'' و ''الاربوزانا'' وهما صنفان من أصل إسباني وصنف ''الكورونيكي '' وهو صنف يوناني.
وحول أسباب توريد أصناف زيتون أجنبية أكدت اللومي أنه تم توريد هذه الأصناف الأجنبية إلى تونس في اواخر التسعينات بهدف تكثيف الغراسات في الهكتار الواحد لكونها أصناف ذات حجم صغير مقارنة بالأصناف التونسية مشيرة إلى أن تكثيف غراسات الزيتون يتطلب أن تكون الأصناف المغروسة لا تكبر كثيرا من حيث الحجم مع ضرورة توفير الماء للشجرة.
كما أضافت الباحثة بمعهد الزيتونة في صفاقس ألفة اللومي في تصريحها أنه حسب نتائج التجارب التي قام بها معهد الزيتونة فإن زيت الزيتون المستخرج من الاصناف الأجنبية ضعيف من حيث الجودة مقارنة بالاصناف المحلية.
نتائج تدعو إلى الشك والتساؤل حول دواعي لجوء الدولة التونسية إلى توريد أصناف زيتون من الخارج رغم أن أصناف الزيتون التونسية أهم من حيث الجودة والإنتاج؟.
إضافة إلى دقلة النور التونسية يعتبر الزيتون التونسي أو كما يسميه البعض ''الذهب الأخضر'' سفير تونس حول العالم حيث أن تعدد أنواع الزيتون التونسي يمثل ميزة لتونس تمكنها من تنويع مذاق الزيت والاستجابة لطلبات الحرفاء وهو ما من شأنه أن يفتح للدولة التونسية الأبواب في السوق العالمية بفضل خصائص زيتها وجودته مقارنة بزيوت بقية بلدان العالم ...وما يعيشه قطاع الزيتون وزيت الزيتون من مصاعب جمة قد تنعكس سلبا على هذا النشاط ومستقبله وعلى الاقتصاد ككل.
.
كاتب المقال La rédaction