تحليل: قرار المشيشي بالتدخل الأمني: حل دائم لأزمة الاحتجاجات؟
توسعت رقعة الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية في الآونة الاخيرة و بوتيرة سريعة لتشمل عددا من ولايات الجمهورية على غرار صفاقس وقابس والكاف وتطاوين والقيروان وقفصة وباجة والقصرين...و ذلك جراء ارتفاع نسب البطالة والتهميش المتزايد و في ظل تازم الوضع الاقتصادي و الذي عمقت اثاره جائحة الكورونا
مشكل التزود بالغاز لا يزال قائما
أزمة اجتماعية خانقة انطلقت باعتصام عدد من المعطلين عن العمل، قاد نحو ايقاف إنتاج الغاز الطبيعي بالمنطقة الصناعية بولاية قابس، و هو ما أسفر بدوره عن انقطاع الإمدادات بقوارير الغاز المنزلي على جميع ولايات الجنوب ولاكثر من أسبوعين
و على الرغم من اعلان تنسيقية الصمود بقابس اليوم الأربعاء فتح وحدات انتاج الغاز المنزلي وفسح المجال امام دخول وخروج الشاحنات للتزويد المؤقت بالغاز، فان مشكل امداد ولايات الجنوب بالغاز لا زال قائما خاصة مع تأكيد التنسيقية على ان القرار الذي اتخذته اليوم مؤقت و هو الى غاية 8 ديسمبر، تاريخ انعقاد المجلس الوزاري حول ولاية قابس، مع تواصل الاعتصام و التهديد بمنع التزود بالغاز من جديد في صورة عدم استجابة الحكومة لمطالبهم، حسب ما افاد به الناطق باسم تنسيقية اعتصام الصمود 2 بقابس ايمن الجماعي في تصريح لديوان اف ام
التعاطي الأمني قد يخلق حاضنة شعبية للمحتجين
قد لا يمثل التعاطي الأمني حلا جذريا لاخماد لهيب الاحتجاجات كما كان الشأن مع معتصمي الكامور، حيث خلق تعاطي الحكومة مع ازمة الكامور في وقت سابق باستعمال الحل الأمني، حاضنة شعبية و تعاطفا مع مطالب المعتصمين، و هو ما اجبرها في ما بعد على التخلي عن هذا الخيار و العودة الى طاولة المفاوضات و الاستجابة الى مطالب المعتصمين
و جدير بالذكر ان عددا من ممثلي المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد الجهوي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية و الاتحاد الجهوي للفلاحة و الصيد البحري و الفرع الجهوي للمحامين و فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، كانوا قد عبروا في بيان مشترك، عن مساندتهم التامة لمطالب المعتصمين في قابس و رفضهم المعالجة الامنية 'لما تؤدي اليه من تاجيج الاحتقان و زعزعة الاستقرار بالجهة، محملين الحكومة مسؤولية كل ما يمكن ان يحدث بسبب التأخير في الاعلان عن افتتاح حوار جدي حول استحقاقات الجهة'، حسب نص البيان
قرار متناقض
يصف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية قرار رئيس الحكومة بالمتناقض مع ما صرح به امام البرلمان حيث اكد ان الحل الامني لا يليق بتونس الديمقراطية، و أوضح الناطق باسم المنتدى رمضان بن عمر ان القرار سيزيد من تعميق الازمة خاصة و ان المحتجين سيلاحظون ان الدولة عاجزة عن تطبيق القانون ضد الاطراف المتنفذة في قضايا الفساد و في علاقة بما جاء بتقرير دائرة المحاسبات، في حين انها تظهر عكس ذلك مع الفئات الاكثر هشاشة
يذكر ان رئيس الحكومة هششام المشيشي ما فتئ يشيد بالتوصّل إلى حل ينهي أزمة الكامور بعيدا عن المعالجات الأمنية، مؤكدا أن حكومته ستعتمد نفس الحل القائم على الحوار و المفاوضات الاجتماعية مع كافة الولايات وخاصة المتأخرة في سلم التنمية، و معتبرا أنّ هذا التمشي يجسّد مفهوم هيبة الدولة التي تحترم إلتزاماتها ومواطنيها وتصغي إلى تطلّعاتهم
فؤاد مبارك