توصيات مجموعة عمل " كوفيد 19 " التابعة للفيفا
و من الواضح أنه و لئن كان تأجيل المنافسات الدولية على مستوى المنتخبات لا يطرح إشكاليات كبرى ، فإن البطولات التي تعني الأندية على الصعيدين الوطني والقاري تشكل معضلة من الصعب حلها .
و قد ارتأت الفيفا أنها و بوصفها الهيكل الدولي الذي يشرف على تسيير اللعبة فمن واجبها أن تقدّم للإتحادات الوطنية بعض التوجيهات خاصة للإجابة عن بعض الإشكاليات القانونية التي تتلخص في :
1/ مآل العقود التي تنتهي مدتها بنهاية الموسم الرياضي الحالي و العقود الجديدة الممضاة سلفا و التي تتعلق بالموسم الكروي المقبل.
2/ مآل الإتفاقات و العقود التي لا يمكن مواصلة تنفيذها بسبب حالة القوة القاهرة التي تسبب فيها فيروس كوفيد 19 .
3/ التواريخ المناسبة لفترات التسجيل المتعلقة بانتقالات اللاعبين .
و لذلك تم تشكيل مجموعة عمل لدراسة تبعات أزمة فيروس كورونا على كرة القدم ، انتهت الى التذكير بأنّه ليس من صميم مشمولات الفيفا أن تقرر بدلا عن الإتحادات الوطنية تاريخ استئناف البطولات المحلية و أنها بصدد تقديم سلسلة من التوصيات والمباديء التوجيهية لمختلف الإتحادات الوطنية للخروج من الأزمة و التي يمكن تلخيصها في عــــ07ـــدد نقاط هي الآتية :
أولا : تمديد العقود المنتهية في نهاية الموسم 2019-2020 و اعتبارها سارية المفعول حتى التاريخ الجديد لنهاية الموسم بشكل فعلي :
تنتهي صلاحية عقود اللاعبين عادة مع انتهاء الموسم و تحديدًا مع تاريخ يتزامن مع نهايته ، ومع التعليق الحالي للنشاط في أغلب البلدان و من بينها تونس ، فمن الواضح أن الموسم الحالي لن ينتهي كما كان مبرمجا له ، لذلك فقد تم اقتراح : تمديد سريان العمل بالعقود الى غاية التاريخ الذي ينتهي فيه الموسم فعليـــًا.
ثانيا : تأجيل تفعيل العقود الجديدة لتبدأ مع موعد انطلاق الموسم المقبل 2020-2021 :
و يعني ذلك أن العقود الجديدة التي كان من المفترض أن تبدأ في التاريخ القديم المحدد لانطلاق الموسم الرياضي تم تأجيل بداية سريانها إلى التاريخ الجديد المعتمد من الاتحادات الوطنية لإنطلاق الموسم الرياضي الجديد 2020-2021 .
ثالثا : عملا بمبدأ التمديد آنف الذكر فإنّ أي دفعة مستحقة تعاقديًا قبل تاريخ بدء العقد الجديد ، يقع تأجيلها الى غاية التاريخ الجديد للموسم الذي ستقرره الإتحادات الوطنية أو الى تاريخ افتتاح سوق الانتقالات المقبل الذي سيتم تأجيل تاريخه حتماً.
رابعا : في ما يخص الانتقالات بين بطولتين مختلفتين وفي حال عدم تطابق الرزنامتين، تعطى الأولوية للنادي الحالي للاعب وسيكون على الأخير إتمام الموسم الجاري قبل أن يلتحق بفريقه الجديد و هذا المبدأ ينطبق على وضعيات اللاعبين المعارين .
خامسا: مطالبة الأندية واللاعبين معا بإيجاد صيغة توافقية لتخفيض الأجور خلال فترة التوقف بما يضمن في نفس الوقت الحد الأدنى من الدخل للاعب و عدم الإضرار بالأندية.
وفي صورة عدم الاتفاق فقد منحت الفيفا الإمكانية للاندية في اتخاذ قرار بصفة احادية الجانب غير أن هذه القرارات ستبقى خاضعة في كل الحالات لرقابة اللجان القضائية للفيفا في صورة النزاع و التي ستتقصى في مدى وجود محاولات حقيقية من قبل الأندية للتوصل إلى اتفاق مع اللاعبين مع مراعاة معايير موضوعية على غرار الوضع الاقتصادي للنادي، وصافي دخل اللاعبين بعد أي تعديل للعقد، والتعامل بمساواة مع كل اللاعبين.
يشار في هذا الصدد الى تكبد الأندية لخسائر ضخمة بسبب توقف النشاط الرياضي في مختلف البلدان ، خاصة أندية الدوريات الـ5 الكبرى (الإنجليزي والإسباني والإيطالي والألماني والفرنسي)، بتوقف الإيرادات عن التدفق لخزائن الأندية، لعدم وجود عائدات بث تليفزيوني أو حتى من بيع تذاكر المباريات.
و قد لجأت أغلب الأندية الأوروبية لخيار تخفيض رواتب اللاعبين الباهظة، من أجل تخفيف حدة الأضرار والخسائر المالية بقدر المستطاع، مثلما فعل برشلونة الإسباني بالاتفاق مع لاعبيه بخصم 70% من رواتبهم الشهرية خلال الفترة المقبلة، أو جوفنتس الإيطالي الذي أعلن على خصم رواتب 4 أشهر مقبلة لتوفير نحو 90 مليون يورو.
سادسا : امكانية تغيير الاتحادات الوطنية لفترات التسجيل بما يتماشى مع وضعية كل اتحاد محلي :
أكد الإتحاد الدولي أنه سيكون مرناً وسيسمح بتعديل مواعيد سوق الانتقالات ، بحيث تكون بين نهاية الموسم القديم وبداية الموسم الجديد، مشيراً إلى ضرورة تعديل الوضع التنظيمي ليتلائم مع الظروف الجديدة.
كما أكد الاتحاد الدولي أنه سيضع في الاعتبار الحاجة إلى حماية انتظام و نزاهة المسابقات، بحيث لا تكون النتائج الرياضية لأي منافسة غير عادلة .
سابعا : في صورة إنهاء عقد اللاعب و فسخه بسبب فيروس كورونا ، فقد أباح الإتحاد الدولي لللاعب و بصفة استثنائية إمكانية التسجيل في اتحاد محلي آخر خارج فترات التسجيل.
و قد أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو في ختام تقديم هذه المقترحات : " أنّ جائحة كوفيد-19 قد غيرت بوضوح كافة الظروف الفعلية في كرة القدم هذا الموسم و أن جملة هذه المقترحات ينبغي أن ترسي مقياسا للاستقرار والوضوح في كرة القدم في المستقبل القريب وأن تقدّم نموذجا إيجابيا عن كيف يمكن أن تصطف عناصر كرة القدم وتظهر الوحدة والتضامن في مواجهة الأوقات العصيبة المقبلة ، لكن قبل أن تأتي تلك الأوقات ، يجب أن يكون هناك شيء واضح للجميع، لا سيما الآن : الصحة تأتي أولا، وحتى قبل كرة القدم". (لصحيفة "غازيتا ديللو سبورت" الإيطالية ) .
و على ضوء ما تقدم ، يمكن القول بأن فكرة عودة المنافسات مرة أخرى، كما كان عليه الحال قبل فيروس كورونا الجديد، تُشكل هاجساً كبيراً على المستوى الدولي و الوطني و أن اللعبة ستكون مختلفة تماما كما ترغب في ذلك الفيفا التي أكّـــد رئيسها أنه يخطط لكرة قدم أكثر شمولا و أكثر انسانية و اهتماما بالقيم الحقيقية و أقلّ غطرسة بعد أن أصبحت اللعبة مثقلة بالأعباء و بتركز الموارد المالية بشكل متزايد في يد عدد محدود من الأندية مقترحا أن تكون هناك بطولات أقلّ لكن أكثر امتاعــا .
بقلم الأستاذ سامي بوصرصار