رأي : هل يطلُق اسم الراحل عبد الحفيظ السلامي على كلية الطب بصفاقس؟
غياب الوزير سجّل استياء كبيرا لدى كل من حضر الجنازة فقد كان من الممكن أن يقع تكليف رئيس الديوان أو أحد المستشارين لإلقاء كلمة تأبين لإبراز مناقب الفقيد الذي يعد أب كلية الطب بصفاقس والتي تخرج منها منذ انطلاقها أكثر من 5 آلاف طبيب
فالرجل كان يحلم بتكوين كلية للطب في مدينته وقد عمل على تجسيمه على ارض الواقع ونجح في ذلك بالتعاون مع مجموعة من أبناء الجهة والذين كانوا من أول المدرسيين بالكلية ومنهم الأساتذة رشيد الفوراتي والبشير حدوق وعلي التريكي والمنصف داود واحمد ذياب اطال الله في عمرهم.
كما استعان بأسماء لامعة من كلية الطب من العاصمة ومنهم الأساتذة سعد الدين الزمرلي والمنجي بن حميدة ويوسف الناصف وعبد العزيز غشام. كما استنجد بمجموعة من الأستاذة في الطب ومن الفرنسيين وخاصة من كلية منبولييي والتي تابع فيها عبد الحفيظ السلامي دراسة الطب وزاول في قسم الجراحة بمستشفاها نشاطه تحت إشراف أستاذه Marshal والذي كان يستشهد به طوال سنوات التدريس التي أمنها الراحل.
عبد الحفيظ السلامي كان يحمل مشروعا متكاملا لكلية الطب وعندما وافقت السلط العليا في البلاد على بعث كلية الطب بصفاقس مع كلية الطب بسوسة ( وهذه قصة أخرى ) شرع الرجل مع مجموعته في عملية التأسيس وهكذا انطلقت الدراسة سنة 1974 -1975 بالمعهد الثانوي الحبيب بورقيبة في قلب مدينة صفاقس لتستقر بعد عامين من الانطلاق بالمبنى الجديد الحالي حيث تولى عبد الحفيظ السلامي عمادة الكلية إلى حدود سنة 1985 مع الإشراف في الوقت نفسه على قسم الجراحة بالمستشفى الهادي شاكر في مرحلة أولى ثم بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة والذي كان من بين مؤسسيه والمشرفين على انجازه .
عرف عبد الحفيظ السلامي بالدقة والصرامة حيث تمكن من تركيز أسس الكلية التي عرفت على مر السنين تكوين أجيال من الأطباء المشهود لهم بالكفاءة و كل ما عرفه أو تتلمذ على يديه يذكر مدى إيمانه بجودة التكوين وهو ما جعل طلبة كلية الطب بصفاقس يكنون له كل الاحترام والتقدير سواء من الذين تتلمذوا على يديه أو حتى من الذين التحقوا بالكلية بعد أن غادرها للتقاعد فمن باب العرفان بالجميل لهذا الجيل الذي تكونت على يديه مؤسسات التعليم العالي وخاصة في الجهات فان إطلاق اسم الفقيد على الكلية يعد أحسن اعتراف بما قدمه من مجهودات حتى تكون لتونس هذه الأجيال المشهود لها بالكفاءة في مجال الطب ليس داخليا بل وحتى خارجيا.
كما على بلدية صفاقس أن تفكر في إطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة، فهل مازلنا نقدر العلم وأصحابه؟
الجواب قد نعرفه خلال إحياء أربعينية الفقيد، رحم الله الأستاذ العميد عبد الحفيظ ألسلامي أب كلية الطب بصفاقس.
حافظ الهنتاتي