رسالة مفتوحة إلى أعضاء المجلس البلدي لمدينة صفاقس المحترمين
اسمحوا لي السادة أعضاء المجلس البلدي أن أوضّح لكم من جديد ما يلي، وكلّي أمل أن أجد لديكم آذانا صاغية:
- لا شيء يبرّر التسرع في هذا التنقيح الجزئي والذي في جوهره ليس جزئيّا، بل سيؤدي إلى تغييرات جوهرية وسلبية من المستحيل تداركها بعد ذلك، على مدينة صفاقس الكبرى (بما في ذلك البلديات المجاورة لبلدية صفاقس، والتي لم يقع أخذها بعين الإعتبار).
- جاء في الوثيقة المعروضة عليكم أنّ التكثيف (densification) سيؤدي إلى تنشيط مركز المدينة الذي يشهد حاليا ركودا، وذلك بإنجاز العمليات الجماعية opérations d'ensemble)) والعمارات الشاهقة، في الوقت الّذي لا نسجّل فيه أي طلب إضافي على المساحات التجارية والمكاتب والمساكن في المنطقة المركزية وشبة المركزية.
لا يخفى على أحد أنّ تنشيط المركز يمرّ عبر وظائفه الثقافية والترفيهية التي تكاد تكون منعدمة فيه اليوم، أو عبر إحداث مزيد من المساحات الخضراء والعناية بها، وتحسين جمالية الساحات العامة وتأثيثها بمستلزمات راحة السكان.
- قد تخدم هذه المُراجعة مصالح بعض الباعثين العقاريين (الذين حضروا بكثافة في لجان إعداد المشروع) وهذا أيضا قد يعني، في نظر بعض نشطاء المجتمع المدني، تضارب مصالح وشبهة الاستفادة غير المشروعة من قرارات مُوجّهة (délit d'initié)
- إنّ من شروط منهجية التهيئة العمرانية إنجاز تشخيص دقيق يحدّد احتياجات المدينة من سكن إضافي ومساحات تجارية ومكاتب، وللتذكير، تسجّل صفاقس الكبرى اليوم أدنى نسب التزايد السكاني في الجمهورية، كما توجد بها عديد المساحات التجارية و السكنية الشاغرة، خاصّة في مركز المدينة، وكذلك في الضواحي. في هذه الحالة، لا تجد العمليات الجماعية و العمارات الشاهقة أيّ مبرّر.
- إنّ هذه المراجعة الجزية في ظاهرها، والعميقة في جوهرها، قد تحدِثُ وضعيات (coups partis)من المستحيل تداركها عند المراجعة الكلية للمثال، والذي هو في مرحلة طلب العروض، كما قد يتعارض مع المثال التوجيهي للتهيئة (بصدد الإنجاز)أو مثال الجولان...
- قد نجد مُبرّرات للنقاط 3-4-5 و6، و المتعلقة بالمآوي ومراكز الترفيه والسكن الجماعي على الواجهة الشمالية للقنال والسكن شبه الجماعي في بقية النسيج العمراني...ويمكن المصادقة عليها، لكن إِدماجها في نفس النصّ ضمن النقطة 1 و2 (العمليات الجماعية و العمارات الشاهقة)، يُثير الريبة والشكوك حول الأهداف الحقيقية الكامنة، والتي يستميت البعض في الدفاع عنها رغم المعارضات العديدة.
- إنّ ربط المصادقة على مشروع التنقيح الجزئي لمثال التهيئة العمرانية بالمصادقة في قراءة أولى على مثال التهيئة العمرانية لمنطقة تبرورة فيه نوع من الابتزاز، حيث يمنع الموافقة على الثاني دون الأوّل وهذا يدعو أيضا للريبة.
حضرات السادة والسيدات أعضاء المجلس البلدي: لقد عانت صفاقس كثيرا من قرارات تهيئة غير مدروسة (شارع الهادي شاكر أو ما يُعرف ب 100 متر، الساحة أمام البلدية، عمليات التكثيف النقاطية مثل عمارة تبرورة والأنطلاقة وصفاقس سنتر...)، كما عانت من قرارات تركيز الصناعات على الشريط الساحلي بما فيه الصناعات الكيميائية الملوثة لا زالت آثارها باقية منذ عدّة عقود، وستبقى صفاقس تُعاني منها لعقود أخرى.
فكّروا مليّا قبل إضافة كوارث عمرانية جديدة، ستعاني الأجيال اللاحقة من تبعاتها. حضرات السادة والسيدات أعضاء المجلس البلدي: لا تتركوا الفرصة تمُرّ دون التعبير عن عدم موافقتكم على هذا المشروع الكارثي في نقطتيه الأولى والثانية ليسّجل لكم التاريخ وقوفكم دفاعا عن مدينتكم التي يريد البعض تسليمها لقمة سائغة للمضاربين العقاريين.
كلّ المؤشرات تدلّ على أنّ التصويت سيتمّ حسب الانتماءات الحزبية، والكلّ يعلم انتماء من استمات في الدفاع عن هذا المشروع الكارثة حتى آخر لحظة. إن سقط المشروع، سنقول أنّ صفاقس انتصرت، وإن مرّ المشروع، فسنهبّ لصفاقس وسنعمل ما في وسعنا، بمختلف الطرق القانونية المٌتاحة، على إفشاله في المراحل الموالية ونساهم مع الجميع في بناء رؤيا عمرانية تليق بمدينتنا، ولنتركها لأبنائنا في أحسن صورة.
عبد الكريم داود 21 جويلية 2020