من هم لصوص الليل؟
من هم لصوص الليل؟ هم أكثر من مليون ونصف عاطل عن العمل زادتهم الكورونا عطالة وفقرا، هم جيل من الفئة العمرية بين 15 و35 الذين أطردهم نظام تعليمي فاشل لحواضن السرقة والمخدرات والبراكاجات والعود السجني، وفوق ذلك لا تكوين مهني ولا تدريب للشغل ولا خلق لأفق مستقبلي، وإن كان نظراؤهم في الحوض المنجمي والكامور قد فرضوا إرادتهم بالتشغيل في مشاريع وهم البستنة، فهؤلاء لا افق لهم غير السرقة والنقمة والثأر.. وأكثر من ذلك تبدو علاقتهم بمفهوم الدولة عدائية عدوانية تحمل نزعات تدميرية لكل ما هو رسمي،
وهم في النهاية يقلّدون لصوص النهار..
من هم لصوص النهار؟ هم بارونات الفساد والتهريب صنّاع منظومة الحكم ما بعد الثورة، هم ورثة فساد عائلة الطرابلسية، الذين وسّعُوا حجم الفساد من الحلقة النواة إلى دوائر متشابكة متناغمة لتوزيع مراكز النفوذ المالي والسياسي، فإن كان لصوص الليل يحبون الظلام ليهربوا من القبضة الأمنية القضائية، فإن لصوص النهار تحميهم مؤسسات الدولة من أمن وقضاء وتشريعات وقوانين وموانئ ومطارات وأحزاب يمينية رجعية اسلاموية وتجمعية، وعلاقات متشابكة في الداخل والخارج.
لست من الذين يستعجلون إدانة هرج الليل وناهبيه بحثا عن حضوة عند مافيا الحكم وزيرا أو غفيرا، ولكنّي أرى أن لصوص الليل مولعون بتقليد لصوص النهار، بل إن لصوص الليل استضعفوا الدولة حين أدركوا أن القانون موجود على رقاب الشغالين والمهمّشين والهامشيين وليس للقانون سلطة على رجال المافيا المالية والسياسية، التي بلغت وقاحتها كذبا وزيفا وهتكا للأعراض والأخلاق ليس أقلها من دفاع رئيس المؤسسة التشريعية على أحد أهم رموز الفساد في تونس، وتوزيع المغانم الحكومية من الفاسد للفاسد...
أفهم وأحاول تفسير هرج الليل، ولا حاجة لي بإدانته وتجريمه أو مدحه والثناء عليه فعلا ثوريا، ولكنّي أدين مرج النهار الذي نجح في تسخير بعض اقلام المثقفين والصحفيين ليهاجموا من يزعزع أمن كراسيهم ومناصبهم ويعكّر عليهم صفو سرقاتهم وفسادهم ونهبهم...
بقلم: عبيد خليفي
كاتب المقال La rédaction