هشام اللومي: حتى يكون دور السياسة ... صناعة الرفاه
ما يجب فعلا التأكيد عليه أن السياسة كمفهوم فلسفي هي الإطار الأمثل لمخططات عدّة تخص الإقتصاد والثقافة والصحة والبنية التحتية والشأن الإجتماعي... ضمن منوال تنموي شامل وطويل الأمد، أين النمو الاقتصادي والعدالة الإجتماعية والنهضة الثقافية.
إذا ما توفّرت كل الشروط الملائمة لإشراك أكبر عدد ممكن من مكونات المجتمع المدني ومن المواطنين، بما في ذلك شرطي المواطنة المحقة والوعي الجماعي، تتحول السياسة إذن إلى وعاء مشروع وشرعي لأفكار بناءة تترجم على مدار السنين عن إنجازات ملموسة في إطار رؤى مجتمعية وجامعة، واضحة المعالم.
تلعب الديمقراطية هنا دورا أساسيا في تنظيم السلطات وترتيب العلاقة بين مختلف أقطابها وبين السلطة والمواطن.
إن الهدف الأسمى (حتى لا ننسى!) هو توفير "الرفاه" le bien-être للجميع، بل لأكبر عدد ممكن من الناس، قدر الإمكان. و"الرفاه" كصيرورة هو صناعة تٌصقل داخل دولة "الرفاه" وفي رعايتها وضمن حراك إقتصاد "الرفاه".
من البديهي أن تعمل كل القوى على إسعاد الآخرين، على إعتبار أن السياسة هي الإطار المنظم مبدئيا وعمليا لإستراتيجيات تنموية شاملة ولخطط تنفيذية بصفة مرحلية ومحددة في الأمكنة والأزمنة، على حدّ السواء.
ما يربط إذن "الرفاه"، من جهة، كهدف سام يشتمل على "السعادة" وعلاقتها بالشؤون العلائقية والمادية والنفسية والصحية والمستقبلية... والسياسة، من جهة أخرى، هو الصدق والإخلاص والأمانة. يبدو أن كل هذه المبادئ أضحت "مهتزة" نسبيا في عالم طغت عليه الأنانية المطلقة، رغم أن الخطاب السياسي حافظ شكليا على صورته اللامعة ولباقته النقيّة، بل على سفسطته المعتادة لجلب الأنصار !...
إن الزيجة الطريفة بين "السياسة" كعالم مخصوص ومعقـّد و"الثورة" كفعل إجتماعي عميق تنحدر إلى متاهات الأنانية الفردية، بل الأنانية الجماعية التي تحرك بالأساس كل اللعبة لضمان مصلحة أو جملة من المصالح الضيقة... وهنا يكتمل بيت القصيد! ...
السياسة تصنع التاريخ إذا ما إلتزمت بقانون اللعبة الديمقراطية وبالمبادئ الإنسانية السامية وبالعدل، فالعدل أساس العمران عند إبن خلدون.