هشام اللومي: المدرسة العمومية تنتصر
ولتتجه إذن كل المجهودات الوطنية نحو إصلاح المنظومة التربوية لتعصير "المدرسة العمومية" وتزويدها بمختلف مقومات "المؤسسة العمومية" المنصهرة في أعماق الدولة الوطنية والمجتهدة في إنتاج كفاءات معترف بمهاراتها العلمية والفكرية والتكنولوجية ومتشبعة بمبادئ الإنسانية ومتجذرة في الروح الوطنية العالية
إذ نجاح البلاد يمر حتما عبر الكتاب والكراس والقلم والحاسوب وازدهار اقتصاده يعتمد أساسا على العلوم والتقنيات الحديثة والتكنولوجيا المتجددة في مناخ متأصل في الثقافة المحلية المتوازنة وبالتفتح على الثقافات الأخرى البناءة
من البديهي أن يجتمع الكل حول إنقاذ البنية التحتية لمؤسساتنا التربوية وتوفير الموارد الكفيلة بتحسين الظروف والإمكانيات البيداغوجية والثقافية وتطوير قدرات المربين على تأمين التدريس و"تبادل الخبرات" مع التلاميذ، إن صح التعبير، بفضل تصورات تكوينية متطورة ومناهج بيداغوجية مستحدثة تسهم في التعليم والتعلم والتدريب والتأطير والمرافقة قصد تنمية ملكات الخلق والإبداع والإبتكار والتجديد...
ينبغي أن تعود للمربي مكانته التاريخية والإعتبارية المبنية على "منظومة قيمية" رفيعة لا غبار عليها ويجدر للمجتمع أن يتجاوز أزماته العميقة ذات الصلة بالمواطنة وبالتواصل وبالثقة، ليرتقي بذواته المنفردة وكيانه الموحد نحو جسما أكثر توازنا مع تاريخه المتميز وحاضره المتحول ومستقبله المنتظر !... إذ ليس هنالك إقتصاد متطور بدون رد الإعتبار لقيمة "العمل" وبدون "ثقافة الجهد" الراسخة في الأعماق كقاعدة ثابتة للتغيير الحقيقي نحو الأفضل ولكسب معركة التطور... ولا مكانة لأية أمة بدون موارد بشرية صلبة تعتمد على المعرفة والعلوم والتكنولوجيا والإنسانيات والفكر والفن والثقافة... "
المدرسة العمومية" نريدها كذلك فضاء لتكريس المباديء الجمهورية والقيم المواطنية والعيش المشترك.... فضاء يحتكم لقواعد الحوكمة الرشيدة والنزاهة... فضاء للتربية على الاختيار وحقوق الإنسان... "المدرسة العمومية" هي السند الأهم للوطن وفي الآن ذاته كل الوطن هو الحاضن الأبرز للمدرسة وللمدرسين وللناشئة، جيل المستقبل... اليوم، تنتصر "المدرسة العمومية" على مركباتها المعقدة وتقرر السمو على الواقع المعيش بالعود إلى المبادئ الفاضلة في مجتمع مؤمن بمنارته التربوية وبرجالاتها... بداية البداية لتفاؤل محقق...