المصلحة العامة بين نوايا التفسير و الـتأويل
بين الظاهر والباطن بون شاسع يستدعي توظيف الزمن توظيفا موضوعيا وعقلانيا للكشف عن الفوارق الملموسة بين المنشود والموجود، وبين المسموع والمشهود، وبين المشروع والمنتوج.
إذ يقتضي هذا التمرين دربة صلبة في عوالم المعلومات والمعطيات والأرقام والأشكال والتواريخ والأمكنة، وينبغي كذلك إمتلاك رصيد عميق ودقيق من علم النفس الإجتماعي والإقتصاد السياسي والجغرافيا الثقافية والحضارات لفهم الواقع المعيش والغوص في أسراره.
من البديهي أن يستأنس الفرد بالمعارف المتاحة لإستيعاب المشهد المنظور والسلوك المعمور والمنهج المقبول، لكي يتمكن من تفكيك جميع الرموز وتمييز الإيجابي من السلبي وتحديد المفيد من عدمه وإدراك السرور من الشرور.
كل هذا المحصول يبنى في مجتمع واع ومثقف، أين يحتل الوطن مكانه في القلوب وتقبع المواطنة في موقعها بين الحقيقة والخيال ! فالمواطنة تمرينا حتميا ينميه الضمير المثقف ويدعمه الشأن المشترك وإكراهات الدولة.
إن صناعة التاريخ والتحكم في تفاصيله مسألة ثقافية بإمتياز، وأزمتنا هذه هي من النوع الثقافي بلا ريب.
فلا خلاص إلا عبر المدرسة والتعلم والتكوين، ولا نجاعة إلا من خلال المجتمع المسؤول والممتثل إمتثالا ثابتا للقانون، ولا شيء غير القانون.
هشام اللومي - 8 ديسمبر 2019.